فعاليات لم تعد جاذبة ولا تدعم سياحتنا المحلية

Abstract

عبد الله العلمي كيف يمكن لنا أن نفوز بجائزة عالمية في لوس أنجلوس عن فيلم دعائي يجسد احتفالات مهرجان الجنادرية ثم لا نسمح بإقامة عروض شعبية في بيتنا الداخلي؟ في محافظة الطائف مُنِعَتْ إحدى الفرق الشعبية التي تعودت على تقديم عروض شعبية في الاحتفالات الرسمية من تقديم عروضها الفلكلورية. الفرقة فوجئت أثناء تأدية عروضها أمام الجمهور بطلب فريق من هيئة الأمر بالمعروف الأفاضل بالتوقف عن أداء العرض بحجة أن الجمهور أبدى تفاعلا مع تلك العروض وأن بعض الحاضرين بدأ في التصفيق. كانت الفرقة تقدم لوحة تراثية بدون مُحَرَمات أو اختلاط، كما أن تفاعل الجمهور بالتصفيق أمر طبيعي لا يخرج عن حدود الأدب ولا يتنافى مع الأعراف والتقاليد. لعلنا نتذكر أنه قد مضى سبع سنوات على صدور توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله عندما كان ولياً للعهد بإدخال العرضة السعودية ضمن مناهج التربية الرياضية في جميع المدارس نظراً لكون العرضة أحد الفنون الشعبية السعودية. نريد سياحة داخلية تجسد صيغة للتلاحم بين الموروث الشعبي بتراثه وحضارته التي تعيشها المملكة العربية السعودية بما فيها العرضة والأهازيج الشعبية. أثار عطل فني أصاب إحدى الألعاب في ملاهي الرياض مساء يوم صيفي حار الرعب في نفوس عدد كبير من الأسر المتواجدة مما نتج عنه الفوضى والصياح خوفا على أرواح عدد كبير من الفتيات اللاتي علقن بسبب العطل. وكانت لعبة قطار الموت قد تعرضت لعطل مفاجئ وهي على ارتفاع 30 مترا فوق سطح الأرض وعلى متنها عدد كبير من الفتيات اللاتي علقن وهن في وضع خطير حيث تدلت رؤوسهن لأسفل موجهة نحو الأرض بنفس وضع القطار حينما تعطل لمدة تزيد على نصف ساعة. مثال آخر على تجربتنا في السياحة الداخلية من بريدة حيث اضطر رجل أعمال سعودي لإلغاء المشاركة في أحد المهرجانات الترويحية وسحب فريق سيرك ترفيهيا استقدمه من إحدى الدول العربية أنفق على استقدامه مع معداته نحو 380 ألف ريال. إلغاء السيرك جاء تحت ضغط رسائل الجوال والإنترنت التي ترى في مشاركة السيرك خروجا عن قيم وعادات وتقاليد المجتمع رغم تقديم فقرات السيرك دون غناء أو موسيقى. طبعاً لا يمكن لوم الهيئة العليا للسياحة أو أي جهة أخرى مباشرة ولكن الوضع يطرح سؤالاً مهماً، من المفترض أن رجال الأعمال قد استكملوا جميع متطلبات الجهات المختصة لاستقدام فريق السيرك بما في ذلك الأوراق والتصاريح الرسمية كما أن المفترض أن هناك تنسيقاً مستمراً بين الهيئة العليا للسياحة وجميع الهيئات الحكومية المعنية. التعامل مع عرض السيرك بهذه الطريقة لن يساعد بتاتاً على تشجيع السياحة الداخلية. الهيئة العليا للسياحة أطلقت – مشكورة - مشروع الهاتف السياحي المجاني لدعم السياحة في المملكة. المشروع يتيح للسياح الاستفادة من خدمات مساندة على رقم مجاني لتقديم المعلومات عن الأنشطة والفعاليات والعروض السياحية بالتعاون مع مقدمي الخدمات السياحية مثل الفنادق والمجمعات السكنية ووكالات السفر والسياحة والمنتجعات ومدن الألعاب والمتاحف وحدائق الحيوان ومراكز التسوق ومراكز المعارض والمؤتمرات والمطاعم والأندية الرياضية ومكاتب الخطوط الجوية ومكاتب تأجير السيارات ومراكز النقل الجماعي ومحطات القطار والبنوك. فكرة الهاتف المجاني جيدة ولكن هل هذا يكفي لأن يكون لدينا سياحة داخلية ناجحة؟ الفعاليات السياحية التي تُقَدَمْ للزوار والمصطافين اليوم لم تعد جاذبة بالشكل الذي يدعم السياحة المحلية وخاصة أن عناصر الترفيه البريء غابت عن كثير من المهرجانات. أصبحت الفعاليات الرئيسية لمعظم المهرجانات لا تتعدى المسابقات الثقافية وعروض أكل الزجاج واستعراض القوة التي لم تعد جاذبة للجمهور وخصوصا أنها أصبحت تتكرر في كل عام. حضرت فعالية عامة للأمين العام للهيئة العليا للسياحة المواطن سلطان بن سلمان وأعلم تماماً أنه يبذل جهداً شخصياً لتطوير السياحة الداخلية لجعلها قطاعاً اقتصادياً منتجاً فهو يعمل مع فريق الهيئة على تنويع البرامج والفعاليات والوجهات السياحية. كذلك سمعنا أن الهيئة قدمت مشروعاً اقتصاديا لتحفيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات وتطوير فرص العمل للمواطنين. نريد سياحة داخلية بمستوى الفيلم السياحي الذي أنتجته الهيئة العليا للسياحة عن الجنادرية والذي يعرض لقطات لعروض الفلكلور السعودية الراقصة والحرف اليدوية والأسواق الشعبية والآثار. نريد تحفيز المواطنين لقضاء جزء من وقتهم في بلادهم والأهم من هذا أن يفخروا بوطنهم وتراثهم وانتمائهم.