دعوة لنقد النفس
Date
2008-03-23xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14290315Author
Abstract
لم يكن الخطاب الذي ألقاه الملك عبد الله في مجلس الشورى خطابا عاديا, او عابرا او تقليديا, بل كان يحمل في طياته صراحة متناهية وشفافية عالية, ومثالا يحتذى في النقد الذاتي للنفس, الذي يحس معه الانسان بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه, والأمانة الثقيلة التي يحملها في عنقه أمام الشعب في هذا البلد . فنقد الذات بعيدا عن جلدها من أفضل وسائل الاصلاح إن لم تكن الخطوة الاولى على طريقه . والحاكم العادل لن يجد رهبة من النقد على الاطلاق, فهدفه السامي هو تحقيق المصلحة العامة, وكل نقد يوجه الدفة نحو خدمة هذا الهدف هو فعل مرحب به ولا شك . هذا ومع انه يحمل أعظم مسؤولية وهي حكم البلاد ومع ذلك لم يتردد إطلاقا في الافصاح عن محاسبته نفسه بل وتعنيفها إلى حد القسوة, بحثا عن صالح الوطن والمواطن، وسيرا في درب التغيير من أجل نهضة ورفعة هذا البلد . كل ذلك بعيدا عن ادعاء الفوقية والمثالية والكمال مع القدرة على ذلك . فنقد النفس ليس عملية سهلة ولا يقدر عليه إلا من وطن نفسه على الخير , واستشعر عظم التكليف, وملك الشجاعة والجرأة، وكذلك التواضع الجم . فالتاريخ علمنا أن يملك الكثير وبيده مقاليد الامور بامكانه ان يتعالى ويرفض كل نقد ورأي يخالف رأيه, ويعتبر كل فعل يقوم به فعل سليم, وقل ان تجد نفسه حظها من النقد، ولكن من تواضع وعرف ان المسؤولية تكليف لا تشريف كان النقد الموضوعي الهادف مبدأه السامي والراقي لا يتنازل عنه. لقد أجاد الملك في خطابه كثيرا, فقد عرف هواجس مواطنيه, وضع يده على الجرح وتلمس المطلوب من كل مسؤول . لقد كان ذلك الخطاب بمثابة نداء لكل انسان يحمل مسؤولية وطنية ان ينهج هذا النهج في محاسبة النفس ومراجعتها. فالنقد وجرد الحسابات والاعتراف بالخطأ إن حصل ومحاولة تصحيحه وتعديل ما اعوج من سياسات وممارسات هو ديدن من يرجو الاصلاح والنهوض . فالحياة لا تتطور وتنهض ما لم تتلمس مواطن الخلل فتعدل, وتعرف مواطن القوة فتدعم، خاصة أنه يخاطب السلطة التشريعية التي بيدها الكثير من التشريعات وكأنها رسالة لهم أن يجدوا في البحث عن المصلحة العامة عن طريق النقد الهادف قبل اتخاذ اي قرار يمس معيشة الناس ويؤثر على مسيرة حياتهم, خاصة أننا نعيش في عالم متغير, وأزمات خانقة تعيشها المنطقة. على الجانب الآخر وانطلاقا من هذا الخطاب, لو نظرنا الى الدائرة الكبرى والى عالمنا العربي, لوجدنا غياب النقد يعتبر أزمة خانقة مرتبطة بأكبر الازمات وهي التضييق على الحريات العامة, خاصة حرية الرأي والتعبير . ورغم أن التعبير عن الرأي حق مشروع لكل أحد, كفلته الديانات السماوية, والقوانين الوضعية, إلا أنه في عالمنا العربي يعتبر جريمة كبرى، حيث تعيش هذه الحرية في سجن انفرادي ضيق . وفوق ذلك كله هناك محاولات حثيثة للقضاء عليها كلية عبر محاولة تكبيل الأفواه عن إبداء الرأي والتعبير في كل شيء, وخنق روح النقد ومحاولة إزهاقها, وملاحقة كل قلم تنبض فيه روح المسؤولية الفردية تجاه مجتمعه, بشتى الخطط والوسائل الممكنة. فهناك أناس يريدون ابقاء الامور على ما هي عليه ويرضون بانتشار الفساد وتغلغله في جسد المجتمع العربي لان في ذلك مصلحة فردية تجلب لهم الغنائم العظام، لذا فهم لا يطيقون سماع من يخالفهم أو يعترض على أوامرهم وقراراتهم . والنقد عندهم بمنزلة التعدي والتجني والتطاول وانتقاص ذواتهم واتهامها بما ليس فيها . فهم ذوو أنفس مقدسة, وفوق النقد والحساب، لذا فلا يحق لأحد انتقاد أفعالهم وأقوالهم وتصرفاتهم, فهذا من المحرمات، لذلك تجدهم يتبعون سياسة محاربة النقد أينما حل وارتحل, ويعتبرونه وسيلة من شأنها نشر الأفكار الخاطئة واثارة الشائعات . ولعل من ابرز وسائل محاربة النقد المطالبة بالنقد السري ورفض النقد العلني مطلقا حتى ولو كان ما ينتقد جاء علنيا، كذلك المطالبة بالنقد الإيجابي, وهي محاولة لتحييد النقد وتوجيهه, حيث يكتفى فقط بذكر الإيجابيات والمحاسن ومحاولة تعزيزها وتقديم المقترحات لتطويرها وإبرازها, وإغفال السلبيات وعدم التعرض لها بالنقد ، فهذا يعتبر عندهم نقدا سلبيا خاطئا لا يصب في المصلحة العامة، كذلك المطالبة بالنقد الانتقائي, وهو ممارسة النقد تجاه أفعال أو أفكار دون أخرى. smanazi@hotmail.com
Link
دعوة لنقد النفسPublisher
صحيفة اليومVideo Number
746641Video subtype
مقالxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
12700Organization
مجلس الشورى - السعوديةThe name of the photographer
صقر العنزيDate Of Publication
20080323Spatial
السعوديةالعالم العربي
الرياض - السعودية