الميزانية بين ضخامة الأرقام وواقع المشاريع

Abstract

لست من شبكة الاقتصاديين، وإن كنت قارئاً منضبطاً لتنبؤاتهم وتحليلاتهم، حتى وهم يثبتون أن سوادهم كتيبة تضليل واسألوا الغارقين في سيولهم في سوق الأسهم. والحق أن أرقام الميزانية العامة للدولة تدحض نبرة التشاؤم التي أتحفنا بها هؤلاء المحللون طوال أشهر الأزمة المالية العالمية، ولتكاد تظن أن الأزمة تنبع من قلب الدمام أو سواحل ينبع. تثبت أرقام الميزانية أننا بخير رغم أننا لسنا بمعزل عن ذيول أي أزمة. لكن أرقام الورق ستبقى حبراً إن لم تكن مقرونة بمطرقة الواقع. والمطرقة التي أعنيها ليست بأكثر من غيبوبة المشاريع التي تتحفنا بها أوراق الوزراء وإضباراتهم قبل وبعد صدور الموازنة العامة للدولة حتى وكأننا معهم في أحلام يقظة لأن الرقم التريليوني للمشاريع في ست سنوات خلت من الطفرة لا يوجد ما يقابله في شوارعنا وأحيائنا ومدننا المختلفة. وكأني أضم صوتي لصوت الزميل الدكتور طلال البكري وهو يسأل وزيراً اختطب في مجلس الشورى تلك الخطبة العصماء عن مليارات المشاريع فلم يجد سعادة الزميل من سؤالٍ للوزير إلا القول: صاحب المعالي عن أي وطن تتحدث؟والحال أن خادم الحرمين الشريفين قد اختصر كل المسألة في جملة واحدة وهو يدعو أصحاب المعالي الوزراء في نهاية الجلسة إلى إيجاد آلية غير التي نعمل بها الآن في قصة المشاريع. وامسكوا الخشب وسأضمن أن ذات القصص والأرقام، بل وحتى صلب هذا المقال سيصلح للنشر تماماً بعد عام من اليوم. أضمن لكم أن شيئاً لن يتغير. ماذا يقول الواقع من حولي فكيف به من حولكم: كل أبنائي يذهبون صباحاً لمدارس مستأجرة. ما زلت أشتري الماء بالصهريج، ناهيك عن أننا قد نسينا حفرة الصرف الصحي أمام الباب منذ أربع سنوات ولم يطرق بابنا أحد ليوصل المنزل بالحفرة. ما زالت حارتنا تنتظر طبقة من الأسفلت لشوارعها التي رصفها صاحب المخطط قبل 15 عاماً بطبقة أسفلت تجارية. ما زلنا ننتظر المستوصف الصحي بحلول سحرية وكأننا لسنا على الخريطة. نصف الحارة أمامي يغرق ليلاً في الظلام بلا أعمدة من نور رغم أنها على أكبر شارع تجاري بالمنطقة. والجواب يكمن بين ضخامة الأرقام وضآلة تأثيرها على الواقع، ولا أعلم إن كانت حارتي أو مدينتي من حولي هي ذات قصصكم أم إن لكم تجربة مختلفة؟ 0 : عدد التعليقات