الاستراتيجية النهضوية في فكر الملك ( 4 - 4 )

Abstract

جاء النهج الإصلاحي النهضوي عند خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أدامه الله ورعاه - ذا صبغة خاصة واستراتيجية واضحة في نظري، فهو نهج يختلف في تفاصيله عما هو معهود في الوطن العربي غالباً .. لقد أعلن - حفظه الله - بنفسه وبصراحته المعهودة وعباراته الصادقة الصادرة من قلب محبٍّ لشعبه وفيٍّ لدينه وأرضه، أعلن من أول يوم تولَّى فيه مقاليد الحكم عن المرجعية التي يستند عليها، مثلما استند عليها من سبقه في دوحة آل سعود وارفة الظلال (القرآن والسنّة)، وبيّن الشرعية التي يقوم عليها حكمه لهذه البلاد بياناً بالفعل لا بالقول (البيعة) وشخص وبشكل دقيق العلاقة التي تربط ولي الأمر بالشعب، وركّز على أس الحكم وضمان نجاحه (العدل)، ومن قبل أوضح عزم بلادنا المملكة العربية السعودية الجازم المضي قدماً في النهوض والإصلاح والبناء التنموي الشامل لجميع ميادين التنمية المختلفة والعام لجميع مناطق المملكة، ولكلِّ فئات الشعب السعودي، وأذكر أنّ خادم الحرمين الشريفين ذكر ذلك حين كان ولياً للعهد في لقائه بالنخب المثقفة السعودية المشاركة في اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري يوم السبت 11-11-1424هـ، وأشار في ثنايا حديثه - كما سبق وأن ذكرت في هذه الزاوية في حينه - أنّ للإصلاح في هذه البلاد أركاناً أربعة هي بإيجاز: * العقيدة القائمة على الفهم الصحيح للنص الشرعي سواء أكان قرآناً أم سنّة وهي المنطلق، وهذا يعني بالضرورة الاعتزاز بالذات الثقافية والحضارية التي تمثِّل الإطار أو الوعاء الذي يستوعب نتاج الآخر في سياق الخطوط العريضة للاعتقاد المسلَّم به، كما يعني الانفتاح أو الحوار مع الثقافات المعاصرة على أرضية تنطلق من الاعتزاز بالذات وتستند إلى الموروث الفكري المبني على رؤية عقدية سلفية صحيحة .. وهذا كلُّه يمثِّل في النهاية ملامح البناء الإصلاحي المنشود في هذا الظرف الزمني الصعب. * الوطن، وهو إطار الحركة ومكمن البناء، والواجب غرس حبه في النفوس، وتقوية جذوة عشقه لدى النشء والشباب، وقد أكد - حفظه الله - كثيراً على هذا الأمر، وفي مناسبات مختلفة استشعاراً منه بأهميته. * الصبر، ويستلزم ذلك التدرُّج في خطوات التفعيل بعيداً عما يُعرف بحرق المراحل وصولاً للهدف مهما كان الثمن. * وأخيراً العمل وعدم الركون إلى القول فقط، فالأوطان لا تبنى إلاّ بالسواعد التي تتلذّذ بالعمل من أجل الوطن وفي السعي لتحقيق المصلحة العامة. وفي سبيل الإصلاح ومن أجل الوطن فتح - حفظه الله - ملفات عدّة أهمها ملف الفقر (الإصلاح الاقتصادي) .. وملف التربية والتعليم .. والملف الصحي حتى نالت بلادنا شرف سك مصطلح مملكة الإنسانية .. والملف الإعلامي والثقافي .. أما عن السياسة الداخلية والخارجية فرحلاته، رعاه الله وأمده بالصحة والعافية، خير شاهد وأعظم برهان، وقل مثل ذلك عن الملف الاقتصادي الشامل، وكذا الملف الاجتماعي، ومن هذا الباب جاء تأكيده - رعاه الله - على الوحدة الوطنية في كلمته الأخيرة في حفل أهالي منطقة القصيم وعدم التنابز بالألقاب والتصنيف المبني على الظن، فالكل أبناء لهذا الوطن ويدينون بهذا الدين والأصل إحسان الظن بالجميع وعدم الشك حتى يثبت خلاف ذلك، فلله درك أيُّها الرمز الأبي والقائد الفذ، وجزماً كل كلمة تقال فيك يا ملك القلوب (عبد الله بن عبد العزيز) جزماً لن تفي بحقك وتتقازم عند قامتك التي تشعرني دوماً بعزّة المسلم وأنفة العربي وشموخ الوطن، ودمت عزيزاً يا وطني ودامت رايتك خفّاقة في كلِّ المحافل الدولية وسلمت لنا يا أبا متعب .. والله يحفظكم ويرعاكم .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.