الأمير عبدالله .. أنموذج السياسي المتمكن

Abstract

في هذا المقال يقول الكاتب: للسياسة وجه آخر، غير الذي نعرفه لها وجه لايزال نقيا براقا صادقا. انه ذلك الذي ارتبط بالأصالة وبالمبادئ وبالأخلاق، ولم يستسلم فقط للعبة (فن الممكن) تلك التي باتت تسمم أكثر المواقف. وعبدالله بن عبدالعزيز هو أحد أولئك القلائل الذين وهبوا السياسة وجهها الآخر وجهها الذي ارتبط بالأصالة والأخلاق فهو يمارسها كرجل دولة في نفس خانة فضائل الفرسان، ولعله الوحيد الذي استطاع ان يحركها داخل قالب الفروسية بكل قيمها وخصالها النقبة. قد يبدو الأمر صعبا للغاية وهو بالفعل كذلك، فمن العسير ان تكون سياسيا في عالم تحكمه ديبلوماسية المراوغات وهواية المصالح وفارسا يحتكم الى أخلاق الفرسان وأدبياتهم. انها المعادلة الأكثر صعوبة ان لم تكن الأكثر استحالة غير ان سموه، وهو الرجل الذي ينطلق من مرجعية بالغة النقاء، ويقدم نفسه لعالم السياسة، بمثل نصاعة وبياض الثلج، دون ان يخشى ان يقتفي اثره أحد، إيمانا وثقة بسجل سياسي طويل، لا مكان فيه لغير المواقف النقية والصادقة والصريحة، استطاع ان يضع بين أيدينا أنموذجا آخر لرجل السياسة، وهو أنموذج السياسي الفارس الذي لا يوارب ولا يماري، ولا يصانع. ففي كل مرة يقدم «عبدالله بن عبدالعزيز» الدليل على إمكانية الربط ما بين غمار السياسة، والأدبيات الأخلاقية التي تتشرب من تعاليم الإسلام، وقيم العروبة بشكل مثير للدهشة. وموقف سموه مؤخرا في مطار عمان اثناء ترؤسه لوفد المملكة في تشييع جنازة الملك حسين، تجلى فيه الرجل الانسان بكل عواطفه وصدقه، هو جزء من الصورة التي تكشف ذلك المعدن الانساني النفيس لسموه الكريم في عالم طغت فيه لغة حسابات المصالح، على القيم الأخلاقية، وهو أيضا جزء من منظومة طويلة من الفضائل التي تتركب منها شخصية سموه، والتي جعلت منه ذلك الطراز النادر من الساسة الذين يبعثون الثقة والمصداقية والطمأنينة في كل شان يقع تحت طائلة مسئولياتهم، أو يعلنون التصدي لها. لقد اشتهر «عبدالله بن عبدالعزيز» بأنه رجل المواقف عندما تحتاج الأمة الى موقف. اشتهر بأنه ذلك الفارس الذي يتمتع بأخلاقيات الفرسان وأدبياتهم النبيلة تلك التي تأخذهم حيث تشاء العزة والأنفة؛ حيث يشاء الجلد والصبر والعزيمة وقوة الاحتمال.