قرارات الحياة الكريمة

Abstract

لم تكن محادثتي مع أحد أبنائي ظهر أمس بالعابرة كما يحدث في الاتصال الروتيني، بل أوغلنا هو وأنا في تفاصيل سياسية محلية على ضوء القرارات الجريئة الواثقة التي صنعها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بضخ دماء جديدة في قطاعات يؤثر أداؤها في حياة ابن وأبيه وكل إنسان على تراب هذه الأرض وحتى الذين لم يولدوا بعد.لا أنكر -وغيري كثيرون كذلك- أن قلقا ينتابني من وقت لآخر حول مستقبل أبنائي في ظل تعاظم التحديات وتوسع الاحتياجات، ومن لا يريد لجيله في حياته ومن بعده حياة كريمة قوامها أمن النفس والمجتمع والذي هو أمن الوطن ومن يستظل بظله، تتبعه الحقوق الإنسانية التي من بينها حق التمتع بخدمات عامة عادلة وذات كفاية. ومن الثابت أن الحياة الكريمة التي ننشد ترتبط ارتباطا وثيقا بطريقة إدارة الدولة على أسس عصرية مؤسساتية، وهو ما تدل عليه خطوة الملك المتمثلة في إحداث تغييرات تاريخية ومفصلية بحيث أتت في عصب ما نتطلع إليه، وما نشكو منه، وفيه القصور والإرباك والاجتهادات المبعثرة، وتلك التي تمس بالمكتسبات وتضعفها.ما يريحنا ويقنعنا في الأوامر التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين أمس أنها اكتسبت قدرا وافرا من التأني والتمحيص والاختبار في اختيار الدماء الجديدة، وحقنها في بعض من أهم وأخطر أجهزة الدولة وأكثرها مسؤولية تجاه المواطن من قبل ولادته وخلال سنوات عمره وحتى بعد أن يرحل عن الدنيا، وهل هناك أهم وأخطر من العدل والقضاء والتعليم والصحة والإعلام. ولأن الملك يدرك في كافة خطواته الإصلاحية أهمية التشريع والمشروعية في أمور الدين والدنيا، مع حرصه المبكر على الوسطية والاعتدال في تشريع ما ينفع الناس وتحكيم القيم النافعة السامية، فقد شمل بنظرته المؤسسة الدينية بأن توسع في عدد أعضائها من أهل العلم والثقة والاعتدال. ولأن خادم الحرمين سعى منذ أن تولى مقاليد الحكم إلى إخراج نظام عملي وشامل للقضاء في البلاد، وهو النظام الذي صدر قبل فترة ولم يكتب له التطبيق أو التفعيل، فقد لامس أهم مؤسسة في العدل والقضاء وعين رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء من ذوي الأهلية الشرعية والإدارية، وكذلك بالنسبة لوزارة العدل التي نستشرف مع وزيرها الجديد الشاب إصلاحا ينسجم مع متانة وشمولية النظام الذي أخرجه عبدالله بن عبدالعزيز لبلاده وللتاريخ.وما دام هذا هو منهج الملك النبيل الشجاع، فلم يكن بدا من أن أطمئن نفسي وابني الذي لم يكوِّن أسرة بعد، بأن اليد البانية التي تؤسس الآن سوف تخلد أعمالها في أرواحنا والأجيال من بعدنا، ولنضع أيدينا في أيدي من اختار الإصلاح منهجا نحو توفير الحياة الكريمة لهذا الوطن وأهله.