إستراتيجية.. ولكن

Abstract

إستراتيجية.. ولكند. حمود أبو طالبمن أهم الأخبار التي حملتها الأيام الماضية خبر عرض الإستراتيجية الصحية الجديدة على خادم الحرمين الشريفين ومباركته لها، وإعلان دعمه الكامل لكل ما يخدم صحة الشعب السعودي.. هو بالفعل من أهم الأخبار؛ لأن موضوع الصحة موضوع حيوي وأساسي، لكنه أيضًا معقّد، وحسّاس، ومتعدد الجوانب والاحتياجات، والأهم من ذلك أنه موضوع ديناميكي يتطلّب التحديث المستمر، إذا أُريد له أن يكون في مستوى الجودة التي يطمح إليها الناس.. وكنتُ قد أشرت هنا قبل فترة قصيرة إلى أن الملف الصحي في الولايات المتحدة الأمريكية أصبح مؤخّرًا ملفًا ساخنًا يحظى باهتمام يفوق كثيرًا ما تلقاه بقية الملفات الإستراتيجية الأخرى، لسبب بديهي هو أن الصحة تأتي في مقدمة الاحتياجات الأخرى للفرد، وتوفيرها بشكل جيد، ليس بالسهولة التي قد يتخيّلها أحد بعيدًا عن مجال العمل فيها.. ومثل هذا القول لا يُراد به أبدًا القفز على كثير من المشاكل التي يعاني منها قطاعنا الصحي، أو محاولة التهوين من تأثيراتها حين نقارنها بما هو موجود في دولة متقدمة كالولايات المتحدة، وإنّما نريد به توضيح الحقيقة بشكل علمي محايد، بعيدًا عن الكلام العام..وهنا لا بد من القول إن القطاع الصحي ظل كغيره من القطاعات الأخرى التي لم تتبلور لها إستراتيجيات واضحة مدروسة بعناية، تستند إلى الأسس العلمية، وتأخذ في الاعتبار أهمية المؤشرات والدلالات الآنية والمستقبلية في المنظورين القريب والبعيد، والتي تستطيع المساعدة على الخروج بخطط يتدنى فيها مقدار الارتباك والخطأ. ولعلّكم تتذكّرون أن قضية الإستراتيجية الصحية كانت قضية بارزة في أروقة وزارة الصحة، وصفحات الجرائد قبل فترة غير بعيدة، حين توقفت بعض القرارات الجاهزة للتنفيذ بذريعة أنها لم تكن مدروسة جيدًا في إطار إستراتيجية شاملة.. الفترة ليست طويلة منذ تلك القضية، إلى صدور أو إعلان الوصول إلى الخطة/ الإستراتيجية التي أعلنت مؤخرًا، ومع ذلك نأمل أن تكون قد مرت بكل المراحل اللازمة لخروج إستراتيجية بأهميتها، يتوقف عليها أداء المرافق الصحية التي لا تحظى في مجملها بقدر معقول من رضا المواطن.. وبالتأكيد هناك متطلبات عديدة لتنفيذ الخطة يحتاج بعضها إلى وقت طويل، لحسن الحظ أنه تم الاهتمام بها بشكل غير مسبوق، ونتمنى أن يستمر الاهتمام لتتحقق.. كما أن هناك مشاكل متراكمة تعاني منها الوزارة ليس أقلها بعض العقول التي تفصلها سنوات ضوئية عن المفاهيم الحديثة للإدارة الصحية، كما أن كثيرًا من أنظمة الوزارة لم تعد صالحة لأي زمن..على الوزارة إذا أرادت أن تعيد الاعتبار للقطاع الصحي العام وتجعله مقنعًا للمجتمع، ولو بعد حين أن تستعين بالمشارط لاستئصال كثير من الأورام، وخراجات الصديد المتحجر، وعليها أن تصب أطنانًا من المضادات الحيوية في بعض أوردتها.. عليها أن تضمن أن القائمين على تنفيذ إستراتيجيتها في كل موقع هم القادرون على ذلك، وليس الذين يعطّلون أي إستراتيجية مهما توفرت لها من إمكانات.. لا بد للدكتور عبدالله الربيعة أن يستخدم المشرط في بعض القرارات بدلاً من القلم، وإلاَّ ستظل مجرد إستراتيجية على ورق..