خدمة العلم
Date
2009-11-18xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14301201Author
Abstract
خدمة العلمعبد العزيز محمد هنيدي (خطر الفتن والانقسام) كان هذا موضوع المقال السابق عندما أشرت إلى أهمية وحدة الصف الفلسطيني في صراعه الطويل مع العدو الغاشم، وأن الأمة تستغرب بل العالم كله في ذهول عن استمرار النزاع والانقسام في ذلك الصف وهم يواجهون العدو الظالم الذي لا يقيم وزناً لحقوق الإنسان والقيم والمبادئ الإنسانيةَ! وكلنا لم ننس بعد مجازر غزة وما نزل بإخواننا الفلسطينيين من اعتقال وقتل وتشريد لم يسلم منها الشيوخ والنساء والأطفال الأبرياء، بل لم تسلم منها المنازل التي دمرت والضياع التي أتلفت والتربة التي تلوثت بالقنابل المحرمة دولياً، ولكنها الأحقاد والكراهية والأنانية والحسد والغطرسة التي ظلت صفات لكثير من بني إسرائيل منذ القرون الأولى، لكن رغم كل ما ذكرت وما تفضل به وكرره خادم الحرمين الشريفين في مواقف كثيرة ودعا - حفظه الله - إلى نبذ الفرقة والتحام الصف والحفاظ على الدم الفلسطيني الطاهر، وما أغدق جزاه الله خيراً من أموال ووقت، كل ذلك لم يدفع إخوتنا إلى ما يجب أن يكونوا عليه، ورغم أن مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف أدان إسرائيل لتلك الجرائم وتلك الحرب القذرة كما وضحه تقرير المستر قولد ستون لكن ظل ذلك التقرير الصادق يتأرجح بين الدول ولا يجد طريقاً للتنفيذ كما يضيع اليتيم في مأدبة اللئام، كل ذلك يعود لتصدع الصرح الفلسطيني وضعف الضغط العربي والإسلامي على الدول الكبرى والمناورة الذكية والتهديد الصادق والوعيد بالنيل من مصالح تلك الدول إذا لم تتحقق المطالب الصريحة للعرب والمسلمين، لكن رغم كل تلكم السحب المظلمة فالأمل ما زال قائماً في انتصار الحق على الباطل وأن الله تعالى يسمع ويرى ويرتفع إليه - عز وجل - دعاء المقهورين وأنين المظلومين، وأن النصر لا بد قادم ولو بعد حين، ونظل نرقب على الأفق ذلك اليوم الموعود وغداً لناظره قريب، ونقف هنا، وندير وجوهنا للأحداث القائمة في جنوب المملكة التي تتناقلها وسائل الإعلام هذه الأيام وما يقوم به جيش المملكة المظفر من تطهير لأراضي الوطن من أولئك المتسللين المعتدين وكيف أن الجيش السعودي هب مدافعاً عن تخوم المملكة، وأن كبار المسؤولين وأفراد الشعب تدافعوا للتبرع بدمائهم واستعدوا للمشاركة في أي عمل تراه الدولة لخدمة الوطن. وحيث إن الأزمات والحروب رغم ما فيها من شدة ونصب وخسائر لكنها تصقل الرجال وتدل على الصديق الحقيقي وقت الضيق، وقديماً قال الشاعر: (جزى الله الشدائد كل خير * عرفت بها عدوي من صديقي) ولأن بلادنا مستهدفة لما أكرمها الله تعالى بالحرمين الشريفين والاستقرار والأمن والثروات الكبيرة والموقع الاستراتيجي وقبل ذلك القيادة الحكيمة والرجال المخلصين والشعب الوفي لدينه ثم لدولته، وكل هذه المقومات والكيان الكبير لا يلقى القبول من المتربصين بنا الدوائر على حدودنا والطامعين في خيراتنا فلا يستريحون حتى يوقدوا شموع الفتن وحتى ينالوا من وحدتنا ويتسللوا إلى ديارنا، وآخرون يطمعون في أن يحولوا فريضة الحج إلى مظاهرات وشغب وهم يعلمون أن الإسلام حث على عدم الرفث والفسوق والعصيان في الحج. لأجل كل ذلك وجدت الفرصة سانحة لأنادي بما يُسمى (خدمة العلم)، وأذكر أن هذا الموضوع سبق أن أثير قبل مدة طويلة ثم طواه النسيان، وخدمة العلم مطبقة في كثير من الدول العربية والإسلامية والغربية، ويقصد بها أن يقوم الشباب من المواطنين بالتفرغ لمدة من الزمن قد تصل إلى سنة أو سنتين يتدرب خلالها – القادرون على التفرغ لذلك البرنامج – في معسكرات تدريباً عسكرياً من خلاله يتعرف الطالب على الحياة العسكرية وما فيها من تقشف وانضباط وجد وتدريب على المشي والهرولة بالطرق العسكرية، وكذلك استخدام الأسلحة الخفيفة كالمسدس والبندقية والرشاش الخفيف، وفي الحلقة (96) نكمل ما تبقى. العشرة الأول من ذي الحجة يطالعكم هذا المقال مع بزوغ أول يوم من العشرة المذكورة وهي أعظم أيام السنة، وأعظمها قدراً يوم الوقفة ثم يوم النحر (عيد الأضحى) ويسن فيها التكبير والتهليل والتحميد والقيام بالأعمال الصالحة، ويتذكر فيها المسلمون خطبة الوداع التي ألقاها القائد والمعلم الأول محمد - صلى الله عليه وسلم - على الحجيج، وما ورد فيها من حرص شديد على دماء وأموال وأعراض المسلمين، ويجب أن نعتبر هذه الخطبة العظيمة الإعلان العالمي الإسلامي لحقوق الإنسان وأن نتذكر بهذه المناسبة السنوية أن أمة الإسلام أمة واحدة وأن في اتحاد المسلمين ونبذهم خلافاتهم وتضامنهم وتسامحهم وتعاونهم قوة عظيمة وخاصة ما تعيشه كثير من الدول الإسلامية من أزمات وخلافات لا تعد ولا تحصى، وأن أكثر الناس في العالم عناءً وقلقاً وتشرداً ونزوحاً ولجوءاً هم من الدول الإسلامية!