خادم الحرمين يدعو إلى حوار الأديان
الخلاصة
بعد الحوار الوطني، وحوار الأشقاء، وحوار الحضارات، جاء الدور على حوار الأديان، فبعد أن طرح خادم الحرمين الشريفين فكرته عن حوار الأديان على علماء المملكة وقوبلت بموافقتهم واستحسانهم، سيطرح حفظه الله هذه الفكرة أيضاً على علماء المسلمين من جميع الدول الإسلامية ومن خلال عدة مؤتمرات إسلامية للاستنارة بآرائهم وأخذ موافقتهم. فكرة جميلة ورائدة، وجريئة وضرورية، هذه التي أبداها خادم الحرمين الشريفين للبدء في لقاءات مخلصة وحوارات مجدية وودية بين مواطني العالم من معتنقي الديانات السماوية الكبرى، الإسلام والمسيحية واليهودية، للتقريب بين مشاعر ووجهات نظر أبناء هذه الديانات الذين يمثلون أكثر من نصف سكان العالم، يجمع بينهم الإيمان بالله عز وجل الذي قال في فاتحة كتابه الكريم «الحمد لله رب العالمين». وما أدفأ تلك الكلمات الصادقة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين إلى سكان العالم أجمع، بمختلف معتقداتهم ومذاهبهم ومشاربهم، داعياً إلى مؤتمرات بين الأديان لصيانة الإنسان والأسرة من العبث، قائلاً «أطلب من جميع الأديان السماوية الاجتماع في إيمان وإخلاص لكل الأديان لأننا نتجه إلى رب واحد.. نجتمع مع اخواننا في كل الأديان التي ذكرتها ونتفق على شيء يكفل صيانة الإنسانية من العبث». لم تأخذ هذه الكلمات الرائعة حقها كاملاً في أجهزة الإعلام، سواء المحلية أم العربية أم العالمية. هذه رسالة خير ومحبة، تدعو إلى تعايش الإنسان وتآزره في كل مكان، وإلى تسامح الأديان السماوية وتقاربها، تصدر من قائد أهم دولة إسلامية، من قلب الإسلام وقبلة المسلمين. فعلاً قد دخلت قضية صراع الحضارات وصراع المذاهب والعقائد منعطفاً عبثياً خطيراً لا طائل من ورائه، من الممكن أن يجلب الكوارث والمصائب على الإنسانية وعلى هذا الكوكب الذي نتشارك جميعاً في شمسه وهوائه وبحاره وموارده. أصبحنا نشعر أن هناك بعض الكتاب والمفكرين المتفلسفين والصحفيين من الذين يصطادون في الماء العكر، يغذون هذا العبث قصداً ولأغراض مريبة، بل وصل الأمر إلى أن يتأثر بعض قادة الدول والسياسيين بهذا الفكر المعوج والخبيث، فأقدموا على تصريحات وأعمال تمت إلى أيام الجاهلية وعصور الظلمات. الحوار هو دائماً من أهم مقومات التفاهم والتعايش والرقي البشري، وهو ظاهرة أساسية لحضارة الإنسان وفكره. قد لا يعني الحوار أن نتفق تماماً مع من يحاورنا، أن نقتنع كلية بما يطرحه من فكر ونظريات، ولكن من واجب المتحاورين دائماً أن يبحثوا عن الإيجابيات والقناعات المشتركة في حواراتهم وقضاياهم، والبناء عليها لكي يخرجوا بشيء مثمر ومفيد من ذلك التبادل. وقديماً كان هناك حوار بين الحضارات، حين أخذت الحضارات من بعضها البعض وتأثرت ببعضها البعض. وكما نقلت الحضارة الإسلامية من حضارات الشرق في الهند والصين، استفادت أيضاً الحضارة الغربية من حضارة المسلمين في مختلف المجالات، ومن ترجمتها للمؤلفات الإغريقية القديمة. كما لا ننسى أن الحضارة الإسلامية استفادت من الحرفيين النصارى واليهود في بناء صروح الحضارة الإسلامية العظيمة في مختلف الأقاليم والمدائن، من شمال افريقيا إلى الأندلس إلى مصر إلى تركيا وبلاد الشام وفلسطين وغيرها. والعكس كذلك حين عمل بعض الحرفيين المسلمين في تشييد الكثير من دور العبادة والمنشآت النصرانية واليهودية الهامة في بعض مناطق امتداد الحكم الإسلامي والحضارة الإسلامية، ومنها مصر والمغرب العربي وصقلية والأندلس وغيرها. فالحوار العملي بين أبناء الأديان السماوية كان سائداً في كثير من فترات التاريخ ومجريات تطور الحضارة الإنسانية، وربما بصورة أكثر انتاجاً وإثماراً مما نشهده في الوقت الحاضر. جوهر الحوار الناجح هو التخلي عن التزمت والتعسف والبغضاء، وعن الآراء ووجهات النظر الجاهزة أو المقررة مسبقاً، حتى لا يتحول الحوار الجاد والمثمر إلى ما يشبه حوار الطرشان. هذا ما يهدف إليه خادم الحرمين الشريفين، وهي دعوة شريفة إنسانية يجب على العالم المتحضر اليوم أن يقتنصها، لتجنب العبث بمستقبل البشرية، وتأكيد الصدق والإخلاص في تعاملنا مع رب واحد ومع بعضنا البعض، فنحن نؤمن أنه «لكم دينكم ولي دين».
المصدر-الناشر
صحيفة عكاظرقم التسجيلة
448550النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
15200الموضوعات
التعددية الدينيةالدعوة الإسلامية
حوار الأديان
تاريخ النشر
20080408الدول - الاماكن
الاندلس السابقةالسعودية
العالم الاسلامي
تركيا
دول المغرب العربي
فلسطين
مصر
أنقرة - تركيا
الرياض - السعودية
القاهرة - مصر
القدس - فلسطين