اهتمام الإسلام بالولايات لمصالح دينية ودنيوية العناية بـ أمن الحجاج .. تطبيق للقواعد الشرعية

Abstract

اهتمام الاسلام بالولايات لمصالح دينية ودنيوية العناية بـ«أمن الحجاج» .. تطبيق للقواعد الشرعية د. حسن بن محمد سفر* اهتم الفقه السياسي بولايات الدولة الاسلامية المختلفة والمتعددة سواء أكانت ادارية كالولايات على الاقاليم والمناطق، أو قضائية كولاية القضاء وديوان المظالم، أو سياسية شرعية كرئاسة الدولة الاسلامية(الامامة العظمى). أو دينية ذات صبغة شرعية ومناسك تعبدية كولاية الحج الى بيت الله الحرام وزيارة مسجد سيد الانام والتشرف بالسلام عليه بطيبة الطيبة المدينة النبوية الشريفة. ويأتي اهتمام الاسلام بنظم هذه الولايات لما تعود فيها المصالح الدينية والدنيوية على الافراد والجماعات وتتحقق بها مقاصد الشريعة الاسلامية وما ينبني على ذلك من المصالح العظام وتهذيب سلوك الانسان وتنمية القيم والفضائل وانعكاس ذلك على الاشعاعات الايمانية من صقل للنفوس اخلاقا ونظما وعادات. وان اقامة شعائر الله ودينه مقصد اساسي من مقاصد الحكم في الاسلام فالحاكم وكل نواب السلطان من اصحاب الولايات مكلفون بتحقيق الغايات الدينية والدنيوية. وتأتي في اولويات ولايات الدولة الاسلامية والتي اهتم بها وكتب عنها فقهاء السياسة الشرعية كالامام ابي يعلي الفراء الحنبلي(ت 458) في كتابه الاحكام السلطانية والولايات الدينية عند حديثه عن ولاية الحج وأمن حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد سيد الانام صلى الله عليه وسلم. مسؤولية أمن الحجاج.. وهذه الولاية تطبيقاً للقواعد الشرعية المستقاة من الكتاب و السنة يقوم بها اهلها الذين ولاهم الله عز وجل امر تنظيم شؤون الحكم والادارة فيها حيث ولوا شؤونها والسهر على مصالح المسلمين واداء شعائرهم من حج، وعمرة، وطواف، وزيارة عملاً بقوله تعالى }الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور|. فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وفود الله ثلاثة: الغازي، والحاج، والمعتمر». اخرجه الحافظ والنسائي. وفي رواية عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحجاج والعمار وفد الله ان سألوا اعطوا، وان دعوا اجيبوا وان انفقوا اخلف عليهم، والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل مهلل ولا كبر مكبر على شرف من الاشراف إلا هلل ما بين يديه وكبر تكبيرة حتى ينقطع التراب». فمن صور الرعاية والاهتمام لهذه الولاية الاعداد والتخطيط والتنظيم موسماً بعد موسم لراحة حجاج بيت الله الحرام وأمنهم وأدائهم مناسكهم في يسر وسهولة .وكل حصيف وصاحب بصيرة يدرك اهتمام خادم الحرمين الشريفين ملك البلاد عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بأمر تطوير وتوسيع الحرمين الشريفين ورعايته للتنظيم والتخطيط لهاتين المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة بصورة حضارية تراثية يشاهد القادم النقلة التجديدية التحديثية لمشاعر الحج والطرق الموصلة اليه . انها مشاهد عظام يقف عندها الانسان وقفة تأمل وتفكير وهو يشاهد هذه الجموع الوافدة من كل فج عميق تتجلى في رؤيتهم الوحدة الاسلامية وتحقيقها الذي اراد منهم الشارع الحكيم في شرعنته لهم الحج كمؤتمر اسلامي تظهر فيه قوة المسلمين وتعاضدهم وانهم يد واحدة في السراء والضراء وامرهم بالاجتماع والتآلف ونهاهم عن الفرقة والاختلاف المؤدي الى التنازع والفشل وذكرهم بما من الله عليهم «كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا». ومن خلال المحطات الاسلامية لفريضة الحج وشعائره العظام نستخلص العبر والمقومات لأمة الاسلام على النحو الآتي: اولا: التأمل في احوال الامة الاسلامية بروح وحس عقلاني مع قراءة للخرائط السياسية العالمية وتكالب القوى عليها والطوق التخطيطي الاستراتيجي لحزمة من الاجندات المرسومة والمدروسة بعناية فائقة وتخطيط محكم ليس بخفي عن الاذكياء. ثانيا: عندما خرجت أوروبا من غياهب القرون الوسطى تالقت نهضتها بعاملي الاصلاح السياسي والاجتماعي والأمة الاسلامية أكثر ارثا وثراء في القيم والمبادئ والقواعد الدستورية والقانونية فعليها الاستفادة من هذا التجمع الرباني الوحداوي فتعيد النظر في منظومتها الاخوية وتزيد روابط اللحمة والتكتل ليحسب لها حساب في عصر طغت فيه المصالح على المبادئ. ثالثا: والأمة في هذه المناسبة العظيمة والكبرى تحتاج الى فهم جديد للمرحلة الحالية والعمل نحو خطاب اسلامي موحد هادئ لا غوغائي تهيجي لا يؤدي الى ثمار بل الى تكوين كتل من الصراعات والأزمات وتكثيف الاعادي للأمة فالخطاب المتزن الموضوعي الملائم لاطلالة القرن الواحد والعشرين له جني ثمار وتذويب جليد (وقولوا للناس حسنى). * استاذ نظم الحكم بجامعة الملك عبدالعزيز