حول المؤتمر العالمي لظاهرة التكفير
التاريخ
2009-11-20التاريخ الهجرى
14301203المؤلف
الخلاصة
حول المؤتمر العالمي لظاهرة التكفير سعود البلوي تم خلال الفترة القليلة الماضية عقد اجتماعات التحضير للمؤتمر السعودي العالمي ظاهرة التكفير: الأسباب- الآثار- العلاج الذي سيعقد برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز مطلع العام- الشهر القادم، بمشاركة عدد من العلماء والمفكرين والأكاديميين المتخصصين والإعلاميين من جميع أنحاء العالم، وسيتناول ظاهرة التكفير بكافة أعماقها.ورعاية المملكة لهذا المؤتمر لها أبعاد مهمة جداً، فالوقت بات ملحاً وضرورياً للاعتراف بـالتكفير كظاهرة خطرة ومقلقة في المجتمع السعودي والمجتمعات الإسلامية عامةً، كونها المحرك الرئيس لكثير من الممارسات (العنصرية) الدينية المضادة للإنسانية والتعايش السلمي في المجتمعات. لكن هناك حقيقة لا يمكن لنا تجاوزها إذا ما أردنا مناقشة ظاهرة التكفير، وهي أن التكفير ذاته جزء رئيس وأساسي، ليس في الثقافة الإسلامية وحسب إنما في معظم الأديان ومنها الأديان السماوية بطبيعة الحال، ونتيجته تجريد الإنسان من ذاته وفكره ومعتقده وحريته، ولذلك يمكن لنا أن نتساءل هنا: لماذا لم تعد الأديان الأخرى-كالمسيحية مثلاً- معتمدة على التكفير كطريقة ناجعة لتصفية من يُعتقَد أنه حاد عن تعاليم الدين القويم؟ أعتقد أن الإجابة تكمن في فعالية تجديد مقومات ومنطلقات الخطاب الديني، التي أفزرتها معارك العقل الفلسفي مع الكهنوت المسيحي، إذ إن فكرة التدين في الديانة المسيحية ما زالت موجودة حتى اليوم، لكن هذا التدين والإيمان لم يعد إيماناً متسلطاً كما كان سابقاً، إنما باعتباره قضية شخصية لا يمكن فيها لأحد فرض قناعاته وأفكاره الإيمانية على أحد قسراً، وبالتالي أصبح الإيمان في عصر ما بعد التنوير مختلفاً جذرياً عن الإيمان في عصر ما قبل التنوير، حين ازدهار محاكم التفتيش التي انتزعت أرواح أناس أبرياء ذنبهم أنهم اعتبروا غير مؤمنين على الطريقة التي تريدها الكنيسة! ونظراً لتقدم الثقافة ورقي الفكر أصبحت هناك تطبيقات جديدة تخص الدين والسياسة والمجتمع، وأستطيع القول إن كل ما نشاهده من تقدم في أوروبا اليوم هو نتاج للغرس الذي تم على مدى قرون طويلة منذ نهاية عصور الظلام الوسطى وبدء عصر النهضة ومن ثم عصر التنوير ثم الحداثة والآن ما بعد الحداثة. أما الأوضاع الدينية والسياسة والإنسانية في معظم العالم الإسلامي لا تزال توحي بحجم الخطر الذي تعيشه هذه الشعوب وهو خطر يتهدد وجودها المستقبلي في قاموس الحياة البشرية! فـالتكفير مورس لفترات طويلة ومتعاقبة وكأنه أمر طبيعي، سواء تكفير الأفراد أو الجماعات أو الأنظمة الحاكمة، فثقافتنا الإسلامية عاشت حالة أشبه بمحاكم التفتيش، في زمن شهد تجاذباً شرساً بين فكر الحداثة (المعاصرة) وفكر التقليد (الأصالة)، اعتمد فيها معتنقو الفكر الديني المتطرف على (الدين) كداعم لفكرة الإلغاء والإقصائية، وذلك من خلال تجيير مختلف النصوص الدينية، والحوادث التاريخية، والمصطلحات التراثية، لصالح وجهة النظر التقليدية، وهذا بطبيعة الحال ليس أكثر من تكنيك قديم اتّبعته مختلف القوى المنطلقة من الفكر الديني كسلطة دينية لفرض سيطرتها على المجتمعات.الزمن الآن تغير، ولا بد للإنسان أن يتغير مواكباً هذا الزمن المتغير، فقيم الاختلاف والتعدد والحرية والمساواة أصبحت أموراً أساسية يجب أن تصان لتسود أكثر في حياة البشر، ولهذا تبقى القوانين هي الحدود الفاصلة المنظمة للعلاقات بين الأفراد والجماعات في أي مجتمع، وغالباً فإن أي قانون يستمد قوته من صرامة تطبيقه ورعاية الدولة له انطلاقاً من فكرة العقد الاجتماعي التي يفترض فيها أن تحمي الدولة، غير أن شيوع التكفير حتى يصبح بدرجة ظاهرة يعني أن الأمر وصل إلى تهديد الاستقرار الاجتماعي والوحدة الوطنية، وتدمير بذور التعايش والتسامح والاختلاف الذي من شأنه إثراء الثقافة لا زعزعة مقوماتها، وهنا يجب الأخذ بالاعتبار أن الإرهاب السياسي والثقافي الذي عانينا منه لعقود طويلة يقوم أصلاً على مبادئ التكفير بالاعتماد على الفتاوى الدينية التي يصدرها أشخاص مطلعون على العلوم الدينية أو يقومون بإعادة إنتاج فتاوى متطرفة سابقة... ولهذا أقول إن الخطوة الأولى لحل أي مشكلة هي الاعتراف بوجودها، والاعتراف بـالتكفير كظاهرة يعني أننا نستطيع أن نضع استراتيجيات للقضاء على هذه الظاهرة. 0 : عدد التعليقات
المصدر-الناشر
صحيفة الوطنرقم التسجيلة
464245النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
3339الموضوعات
الاعلام الدينيالثقافة الإسلامية
السعودية - العلاقات الخارجية - العالم الاسلامي
السعودية - العلاقات الخارجية - مؤتمرات
الغزو الفكري
الفتاوى الشرعية
المؤلف
سعود البلويتاريخ النشر
20091120الدول - الاماكن
السعوديةاوروبا
الرياض - السعودية