السعوديون والصندوق الجديد ! ..

Abstract

صندوق الوقف الصحي الذي أقره مجلس الوزراء في يوم الاثنين الماضي وبدعم وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو خطوة قوية لتطوير وترسيخ دعائم العمل التطوعي والخيري في المجال الصحي. ولعله يكون نواة لمؤسسة صحية تطوعية ننتظر بفارغ الصبر قيامها ، تعنى بدعم وتطوير العمل الصحي التطوعي في داخل المملكة العربية السعودية وخارجها. لطالما كان العمل في المجال الصحي محفزا للبذل والعطاء وفرصة للتواصل مع المحتاجين ولمس همومهم وآلامهم ومداواتهم من مرض أجسادهم وتعب قلوبهم. حتى إنه كان نواة وسبباً لقيام أعرق المستشفيات والمعاهد والصروح الطبية في العالم. وكان ولا يزال وسيلة فعالة لكسب القلوب الحائرة المتألمة أو تلك الوجلة اليائسة وتقويتها بالأمل ونور الايمان ليضيء المظلم فيها من جديد. وعندما نبحث في مفهوم وحيز العمل التطوعي والعطاء الخيري في المجال الصحي داخل المملكة العربية السعودية، نجد أنه كان ولا يزال محدودا وقائما على الاجتهادات الشخصية التي يقوم بها المأسورون بعاطفة قوية لحاجة صحية أو مرض أصاب قريبا لهم أو عزيزا عليهم، وآخرون متحمسون لمهنتهم مخلصون لها عندما استفزتهم الرغبة في العطاء للقيام به كعمل فردي قد يضيع صداه في الزحام أو يبقى أثره محدودا بالمكان الذي بدأ منه والغاية التي قامت عليه. حتى فرص العمل الصحي التطوعي ووسائلة داخل المملكة لاتزال محدودة وغير مدعومة بالرغم من كثرة المحتاجين لها والراغبين بالقيام بها. فمعدل النمو السكاني داخل المملكة العربية السعودية قد تجاوز2% حسب الإحصاءات الأخيرة لسنة 2007م وهي نسبة عالية تومض وبشدة لمدى الاحتياج والضغط الشديدين اللذين ستكون الخدمات الصحية داخل المملكة العربية السعودية واقعة تحتهما ، مما يجعل من وجود صندوق الوقف الصحي عاملا مهما في امتصاص بعض من هذا الضغط وتهيئة الموارد التطوعية الأخرى وخصوصا البشرية لسد جزء ولو يسيراً من هذا الاحتياج. العمل التطوعي الصحي قادر على استيعاب احتياج المناطق النائية والمحتاجة داخل المملكة واستقطاب اهتمام الكفاءات الطبية المخلصة للقيام بأعمال تطوعية في مجالها إذا ما توفر لها الدعم والتنظيم الكافي لتسهيل مهامها واستيعاب اجتهاداتها وتطويرها. كما أنه مهيأ لاستيعاب الاحتياج لتدريب الكوادر الطبية الوطنية وصقلها وإنماء بذرة الحس الجماعي فيها إذا ماتوفر له التخطيط والإشراف اللازمين. وهو بلا شك قادر على احتضان الدعوة للإسلام وترسية دعائم راسخة لها ولو بغرس صورة حسنة عن المفهوم التكافلي للإسلام في نفوس كثير من الوافدين الذين يقيمون بيننا. فالعمل التطوعي الصحي لا يمكن أن يستمر أو يتطور بالجهود الفردية والاجتهادات الشخصية وحسب بل هو بحاجة لكيان إداري فعال قادر على توفير الدعم المادي له واستقطاب القلوب الراغبة بالتطوع والعطاء من حدود المملكة لوسطها ومن وسطها لحدودها وتوجيهها لأماكن الاحتياج والطلب. العمل التطوعي كان ولا يزال الشهادة الأفضل التي يحرص كل انسان على تسجيلها في سيرته لأنها تشهد على قدرة صاحبها على البذل والعطاء سواء بالمال او الوقت أو الجهد وسمو نفسه ونبلها، لاستشعارها لحاجة الآخرين لها وتلبيتها لهم.