ملك علمنا الشجاعة في القول

Abstract

ملك علمنا الشجاعة في القول جمال أحمد خاشقجي قبل يوم من إعلان الميزانية، أرسل الزميل النشط وائل مهدي تقريراً عنوانه مؤسسة أمريكية تصف الميزانية السعودية ضمن الأقل إفصاحاً في العالم.ابتسمت، وقلت لوائل، الشاب الذي لم يكمل الثلاثين ودرس الصحافة في الخارج وكتب لوسائل أجنبية عدة، ومن فريق الوطن الواعد، نحن – الخمسينيين - نشأنا على نمط معين في تغطية الميزانية، كنا دوماً نسميها ميزانية الخير والبركة، حتى أصبح يوم الميزانية للصحافة يوم عيد في بلد لا يجيز الاحتفال بغير العيدين، كانت الصحافة تستكتب أساتذة الاقتصاد ليحللوا الميزانية على صفحات كاملة ولما تستوعب أرقامها ودلالاتها، حتى عندما تحولت الميزانية من التفصيل إلى الإجمال الذي لا يترك ملامح حقيقية تمكن سعادة الدكتور الاقتصادي الكبير من تحليلها وتوقع نتائجها وانعكاسها على المواطن، لا يهم العجز ولا المديونية الهائلة التي نسيناها، بعد سنوات بقيت كجلمود على صدورنا وصدور أبنائنا من بعدنا، حتى خفت وطأتها بتوجيه الملك ومتابعته، وفي ذلك وحده ما يستحق خادم الحرمين الشريفين الشكر عليه وتقبيل الرأس نيابة عن الأجيال القادمة.رغم كل ذلك والحديث مستمر لوائل كانت ميزانية الخير والبركة.في إحدى السنوات الماضية ارتص مذيعو القناة الأولى يتلون علينا بيان الميزانية ويستضيفون كبار الاقتصاديين وقد وضع كل منهم ميدالية ذهبية مع خطوط خضراء وقد كتب عليها ميزانية عام كذا، فبدوا وكأن كلا منهم قد منح نيشان الفخار الأعظم من إحدى جمهوريات أمريكا اللاتينية.البهرجة الإعلامية لم تقنع السوق ولا المواطن، الشفافية والإصلاحات التي أطلقها عبدالله بن عبدالعزيز قبل سنوات قصيرة فعلت فعلها وقادتنا إلى مصاف الدول الاقتصادية العظمى حتى في زمن الأزمات الاقتصادية العالمية الكبرى وانخفاض أسعار البترول.ولمزيد من التفسير أحيل القراء الكرام إلى مقال عظيم لكاتب الوطن المشغول دوماً بالميزانية ووزارة المالية الدكتور عبدالله الفوزان الذي شرح لنا قبل أيام حكمة الملك عبدالله أن رفع قرشنا الأبيض لليوم الأسود.أعود للزميل وائل مهدي الذي أنهيت حديثي معه قائلا هكذا كنا نحتفل بالميزانية وتريدني أن أنشر تقريرا ينتقد الشفافية في الإنفاق الحكومي والميزانية؟بالتأكيد تركني وائل متبرماً من هذا التضييق على الصحافة رغم أن تقريره جيد ودقيق.نسيت تقرير الزميل، حتى نشرة أخبار التاسعة مساء أول من أمس، ورأيت الملك عبدالله على التلفزيون يتحدث لوزرائه عن الميزانية، وقال جملته التي سنتذكرها معاتباً الوزراء، إنه سمع وأحس بنفسه، وأشار إلى صدره أن هناك مشاريع..، تردد حفظه الله قليلاً ثم غلبته الصراحة والمسؤولية فقال هناك مشاريع ضائعة، لم تستبن رغم اعتمادها. جملته الشجاعة والشفافة جعلت منصب الوزير بعدها غير ممتع في المملكة.وعادت إليّ شجاعة رئيس التحرير التي فقدتها قبلها بيوم، أمام الزميل وائل مهدي، اتصلت به قائلاً هلمّ إلى المكتب وأعددنا تقريره للنشر الذي ينتقد شفافية الإفصاح عن الميزانية في يوم عيد الميزانية.لقد تغير الزمـن، وتغـيرت معه الصحافة، ونتغير من أجله في الوطن فنحن في كنف عبدالله بن عبدالعزيز.••قطعت الميزانية تسلسل الانطباعات الجميلة عن كاوست والتي سوف أعود إليها في الغد. 0 : عدد التعليقات