البحث عن حلول عادلة لموظفي الخطوط السعودية

Abstract

dr_saaty@yahoo.com في هذه الأيام تمضي مؤســســة الخطوط العربية السعودية بقدم راســخة نحو تطبيق إجراءات التحول إلى التخصيص، وفى هذا الشـأن عممت مؤسسة الخطوط على موظفيها في الشهر الماضي آليات الانتقال من نظام المؤسسة العامة للتقاعد.. إلى نظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية على اعتبار أن نظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية هو المعني بتغطية معاشات تقاعد موظفي القطاع الخاص. إن الأصل في العلاقة بين الحكومة والموظف.. هو أن الموظف ابن للحكومة وطالما أن الموظف ابن للحكومة فإن الحكومة ــ بطبيعة الحال ــ سـتكون حريصة على مصالح ابنها الموظف. ولكن المؤسـف أن آليات انتقال موظفي الخطوط السعودية من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص.. حملت 11 ألف موظف يمثلون 61 في المائة من إجمالي عدد موظفي المؤسسة.. ثمن التحول إلى الخصـخصـة، حيث أشــارت آليات التحول إلى أن كل الموظفين الذين لديهم أقل من 20 سـنة خدمـة، وهم ــ كما أشـرنا ــ 11 ألف موظف .. لن يتمكنوا من الاستفادة من نظام مؤسسة معاشات التقاعد إلاَ بعد إكمال الحد الأدنى وهو 300 شــهر (25) ســنة أو بلوغ سـن الـ 60، ولا تحل سنوات الخدمة بالخطوط الســعودية المعتمدة في نظام المؤسسة العامة للتقاعد محل المدة المطلوبة في نظام التأمينات الاجتماعية، أي ســيضطر الموظف الاستمرار في الخدمة حتى بلوغ سـن الـ 60، علما أن الموظف الخاضع لنظام التأمينات الاجتماعية له حق التقاعد المبكر بعد خدمة 25 عاما. ولا شك أن هذه القواعد فيها حيف وظلم كبير لشــريحة كبيرة من الموظفين الذين يطالبون بتطبيق قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 348 وتاريخ 23/11/1428هـ الصادر بشــأن القواعد والترتيبات الخاصة بمعاملة موظفي وعمال مؤسسة الخطوط عند تحويلها إلى شــركات والذي أشــار إلى أن الموظف لن يظلم ولن يفقد أيا من حقوقه ومزاياه التي كان يتمتع بها حينما كان موظفا في المؤسسة قبيل التحويل إلى الخصخصة. إن مشروع الخصخصة خيار اقتصادي اسـتراتيجي اتخذه المجلس الاقتصادي الأعلى الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين منذ أربع سنوات، وتعد مؤسسة الخطوط السعودية إحدى المؤسسات الحكومية المهمة على طريق نجاح تنفيذ هذا المشروع الضخم. ولكن حتى يتحقق النجاح فإن فك الارتباط بين العام والخاص ــ على كل المستويات ــ أمر حيوي وضروري. بمعنى أن الحفاظ على حقوق الموظفين بين المؤسسة العامة للتقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية أمر بالغ الأهمية ولا سيما أنه يتعلق بالموظف في حياته وبأســرة الموظف عند انتقاله إلى الرفيق الأعلى، أي أن التأمين على الحقوق المالية والوظيفية لجميع موظفي الخطوط السعودية في هذه المرحلة الانتقالية.. أمر يتصل بتوفير الرزق الكريم لأســرة الموظف وورثته من بعده. وإذا كان الأمر على هذه الدرجة من الأهمية فإن حفظ حقوق الموظف بين المؤسستين هو الإجراء المثالي الذي يعطي جميع الموظفين الأمان والاطمئنان. ولكن إذا عدنا وراجعنا الصيغة التي وضـعتها الخطوط مع مؤسسة التأمينات الاجتماعية.. نجد أنها صيغة لا تراعي مصلحة الموظف، بل أكثر من هذا فهي تتعارض ــ جملة وتفصيلا ــ مع قرار مجلس الوزراء الذي يؤكد أن الموظف لن يظلم ولن يفقد أيا من حقوقه ومكتسباته. ونتصور أن المهندس خالد الملحم لو كان ضمن موظفي الخطوط الذين خدموا في الخطوط أقل من 20 عاما لما وافق على هذه الصيغة المجحفة في حق مجموعة كبيرة من زملائه الموظفين الشباب. إننا في عصر الخصخصة نحتاج إلى معدلات أعلى في إنتاجية الموظف، وهذا لا يتأتىَ إلاَ إذا أخذ الموظف كامل حقوقه المالية والوظيفية، أما إذا غبناه، فإن النتائج قد تكون على عكس ما نتمنى ونأمل. المفروض في الخصخصة أنها لا تقدم مشــروعا يحبط الموظف، بل المفروض أن تقدم الخصخصة مشــروعا يرتقي بالموظف ويحفظ حقوقه ويرسم له مسـتـقبلا زاهرا وزاهيا وواعدا، أما إذا اسـتمر تنفيذ هذا المشروع الذي ســلب من الموظفين مجموعة كبيرة من المزايا، فإن الموظف سيصاب بالإحباط وربما ستكون النتائج وخيمة ــ لا سمح الله ــ على أداء كل الموظفين. إن المطلوب من الخطوط السعودية بعد الخصخصة أن تســتعد للدخول في التنافسية الإقليمية والعالمية على حد ســواء، ولاسيما أن بعض خطوط الطيران الخليجية دشـنت مشــاريع متقدمة على صعيد المنافسة على كيكة المنطقة. ولذلك فإن النجاح في خصخصة مؤسسة الخطوط السعودية.. يعد نموذجا مهما لمجموعة المؤسسات التي تنوي الحكومة تحويلها إلى القطاع الخاص. وبقدر نجاح خصخصة الخطوط السعودية سنحقق النجاح تلو النجاح في خصخصة غيرها من المؤسسات والهيئات. والخلاصة أن إعادة النظر في قضية موظفي الخطوط السعودية تبدو حتمية حتى لا يضام موظف مخلص عمل في حكومة عرف عنها ــ عبر التاريخ القديم والحديث ــ أنها تُعطى ولا تأخذ، ُتكرم ولا َتشح، تُغدق ولاَ تقْتر.