رؤية تعالت على الجراح العربية بمعايير تاريخية

Abstract

احتضنت الرياض قمة المصالحة انطلاقا من المسار الذي بدأه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت حين فاجأ الشعوب والقادة بقراره التاريخي تجاوز الخلافات السابقة وفتح صفحة جديدة. وهو ما أجمع العرب على وصفه بأنه خطوة تاريخية دون مبالغة، فالذي يقدر على قلب مسار الهبوط في العمل العربي إلى عكسه بخطاب واحد مفعم بالصدق والصراحة، جدير بأن توصف خطوته البناءة بأكثر من ذلك.ربما يقال إن النظام العربي العام كان على وشك الانهيار إبان الحرب على غزة، حين أدى التباين الحاد في قراءة الموقف إلى عقد قمة عربية إسلامية في الدوحة بعد التعثر في توحيد المواقف في اتجاه عقد قمة عربية طارئة تسبق قمة الكويت الاقتصادية، فكان لا بد من خطوة إنقاذية على وجه السرعة. وقد يقال إن الظروف تبدلت بشكل شبه جذري بعد فوز باراك أوباما الذي يعتمد استراتيجيات مختلفة عن سلفه، ما يقتضي من العرب احتواء المتغيرات واستيعابها حتى لا تكون على حسابهم. وقد يقال أيضاً إن انتصار اليمين المتطرف في الانتخابات الإسرائيلية ووصول نتنياهو إلى رئاسة الحكومة مؤشر قوي على صعوبة الموقف الذي تشهده المنطقة في مستقبل الأيام، وعلى ضرورة تجاوز العرب خلافاتهم الجانبية لمواجهة التحدي المقبل. وقد يقال أخيراً، إن الهدف المباشر لعقد قمة الرياض، هو ضمان انعقاد القمة العربية العادية في الدوحة. وبما أن الانقسام على كيفية مواجهة أزمة غزة، صدع العلاقة بين دول عدة، فلن تكون ثمة قمة إن لم تنعقد المصالحة أولا وفق الرؤية المتعالية على الجراح لخادم الحرمين الشريفين. لكن الدافع الأول لقمة المصالحة هو الحرص على عرى الأخوة العربية كي لا تفصمها حسابات أو نظرات مغايرة، أو تخلخلها مصالح متضاربة أو متقاطعة، وهو ما جعل الملك عبد الله، يستشعر الخطر من استمرار التدهور في العلاقات العربية، وأن يتجاوز المرحلة الماضية.