لمن نلبي النداء ؟

Abstract

قد لا يشعر الإنسان بحجم النعمة التي لديه إلا عندما يرى مآسي غيره هذه حقيقة لا غبار عليها . وقد لا تبرز الأصالة والسمو في نفس الإنسان إلا عندما تدعوها الحاجة أو تلح عليها. هكذا كان الأمر بعد أن أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عن حملة التبرعات لإغاثة المنكوبين في باكستان وبدأها بتبرع شخصي منه. رسالة قوية وجهها لشعبه طالبا منهم الوقوف مع إخوتهم في الإسلام مع المحتاجين والمنكوبين من بني الإنسان. الصور المريعة التي نقلتها وسائل الإعلام عن حجم الدمار الكبير الذي أصاب هذا الجزء من الأرض وما صاحبه من خسائر كبيرة في الأرواح والأموال. أظهر لنا بجلاء نعمة الأمن والرخاء وزاد قلوبنا يقينا بأن الدنيا أمان إلا ساعة مهما بلغ حجم علم وتطور أصحابها. العالم الآن يزخر بالفواجع الطبيعية والإنسانية زلازل وأعاصير وحروب وفتن . ونحن ولله الحمد لا نزال في الجانب الآمن منه نرى ما يصيب غيرنا من مصاعب ومحن نرقبها في وسائل الإعلام المختلفة ونتعظ أو هكذا يجب أن يكون. كنا قبل شهور مضت نكاد بسبب جهل بعض منا أن نفقد جزء مما أنعمه الله علينا نعمة الأمان و بسبب ضلال فئة عشنا أياما بسيطة وقليلة من الخوف والحيرة عن ما تراه يكون مستقبلنا فماذا عساه يكون حال من نراهم على شاشات التلفاز في باكستان وفلسطين والعراق وغيرها من الأماكن المصابة والمبتلاة. قد لا يكون مفهوما لدى معظمنا مدى إصرار بعضنا على سلبنا هذه النعمة وإقحامنا في فتن نحن في غنى عنها. ولا مستساغا أو مقبولا أن نجد منا من يحور مثل هذه المحن من معان لقوة الله وعظمته وجلال قدرته إلى صور للعقاب والردع! قد يكون في هذه المحن معنى للابتلاء ولكن أتراه يكون نوعا من العقاب؟ هذه الحقيقة الله وحده يعلمها لأننا لا نستطيع أن نطبقها ونحن نرى فيها تناقضا مع كثير من منطقنا. فهل يترك القوي على قوته ويعاقب الضعيف على ضعفه! يجب علينا أن نبعد أنفسنا مهما كان ظننا بأنفسنا وعلمنا عن الخوض في أمور لا يعلم مسبباتها ولا حكمتها إلا الله وحده. ويكفينا من هذه المحن حقيقة واحدة بأنها امتحان لنا بأن نحمد الله على ما انعم به علينا وأن نستشعر مصاب غيرنا فنهب لنجدته ومساعدته. ولعل في الحملة التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين لمساعدة المنكوبين في باكستان وتهافت السعوديين وحرصهم على تلبية دعوته ومساعدة الاخوة الباكستانيين على تجاوز مصابهم الجلل والتخفيف من آلامهم وعنائهم، إشارة واضحة على معدن الشعب السعودي الأصيل الذي كان ولا يزال حاملا لهموم أمته الإسلامية مستشعرا لمحنها حريصا على الرفع عنها. الصور التي بثتها وسائل الإعلام والتي أظهرت بما لا يدع مجالا للمشككين مدى كرم الشعب السعودي وإنسانيته . رجال ونساء شيوخ وأطفال حرصوا على المشاركة في هذا العمل الإنساني الكبير، لبوا النداء دون تردد أو تخاذل . جعلوا من أنفسهم رمزاً لرسالة قوية لمعنى تكافل المسلمين وتوادهم وتعاضدهم . هنيئا لهذا الشعب الكريم هذا القائد الإنسان الذي يقودهم لفعل الخير ودعمه، وهنيئا لهذا القائد الفذ هذا الشعب الصادق الذي لبى دعوته وامتثل لأمره وحذا حذوه . إنها مملكة الإنسانية حكومة وشعباً كل من فيها يلبي النداء.