يحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود
Date
2009-12-07xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14301220Author
Abstract
يحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود عبدالله ناصر الفوزان حينما نقول إن فلاناً يحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود، فهذا لا يعني أنه مُقتِّر، بل مُدبِّر، لا يستدين ليبذّر، ولا يصرف ما في الجيب وينتظر ما في الغيب، بل يصرف على الضروريات والأساسيات باعتدال، ويوفّر من الدخل لمواجهة (عوزات الزمن). أي باختصار يدير أموره المالية بحكمة وتوازن، بلا تفريط ولا إفراط، ويبقى لديه ما يضمن الانتظام في أيام العسر، فلا يغرق ولا يعطش.سألني أحد الإخوة عن رأيي في القرارات المالية التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين لتخفيف مصاب المتضررين في جدة، والنازحين عن مساكنهم في الجنوب بعد عدوان الحوثيين، فقلت إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله قائد نزيه مخلص مقتصد يحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود، ولهذا استطاع أن يفعل ما فعل.تولى الملك عبدالله زمام الأمور والمملكة ترزح تحت وطأة دين ثقيل أربكها كثيراً بعد أن مرت عليها أيام سود وهي ليست فقط بلا قرش أبيض، بل يثقل كاهلها قرش أسود، وقد أعطاه الله على قدر نيته، فتحسنت أسعار البترول، وازداد الإنتاج وارتفعت العائدات، فلم يندفع فيبدد الدخل بل سلك نهجاً متوازناً، يصرف على قدر الحاجة، ويسدد الدين بانتظام وتدرج... وبعد ذلك بدأ يحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود، حتى وصلت موجودات المملكة في الخارج أكثر من ألف وسبعمئة مليار ريال. وجاءت الأيام السود تباعاً... انفجرت الأزمة المالية العالمية، ووقعت الكثير من الدول في ضائقة شديدة، أما المملكة فرجعت إلى قرشها الأبيض، وزادت على مصروفاتها المعتادة بإقرار برنامج تحفيز قدره أربعمئة مليار ريال، وواجهت الأزمة بكل صمود، لدرجة أنها استمرت في دعم صادرات الآخرين لها (في خطوة تفعل الدول عكسها خاصة في مثل هذه الحالات)، حتى تبقى أسعار الأرز (على سبيل المثال) في متناول الجميع... وجاء اليوم الأسود الآخر الذي حل في جنوب المملكة مع تسلل الحوثيين المعتدين المأجورين، فكان قرش المملكة الأبيض سنداً كبيراً لها في إنارة المصباح لتبديد الظلام، وأقر الملك عبدالله بناء عشرة آلاف مسكن للنازحين من مساكنهم على الحدود.. ثم جاء اليوم الأسود الثالث في جدة، فرجع الملك لقرشنا الأبيض واستعان به في مواجهة سواد الحدث والتخفيف عن المصابين والمتضررين.. ومازال وسيظل يصرف القرش الأبيض حتى تزول غمة تلك الأيام السود بمشيئة الله وعونه.عندما تعصف الأحداث بالعالم وتتوالى الأيام السود، فليس للإنسان من ملجأ بعد رحمة الله إلا وطنه، وتختلف الأوطان باختلاف أوضاعها وإدارة الأمور فيها، فالأوطان التي تحفظ قرشها الأبيض للأيام السود تكون قادرة على إضاءة المصابيح في متاهات الظلام، وبعث الدفء في ليالي الصقيع، ووطننا ليس فقط قادراً الآن على فعل ذلك، لنا نحن أبناؤه، بل يفعل هذا أيضاً بالنسبة للإخوة المقيمين بيننا، كما حصل لمتضرري سيول جدة.في الملمات والكوارث لابد أن نشعر نحن المواطنين بأننا أسرة واحدة في بيتها الوحيد الذي يتعرض للمصاعب ونتصرف على هذا الأساس، لنشعر بالدفء والأمان، وهذا الدفء والحنان يزداد كثيراً عندما يدرك الواحد منّا أن رب العائلة قد حفظ القرش الأبيض لليوم الأسود، كما يحصل الآن.وبصفتي مواطناً يشعر أن هذا القرش الأبيض هو من أجله ومن أجل أبناء وطنه، فلابد أولاً أن أعبر عن امتناني، ثم أعبر عن مخاوفي من بقاء رصيدنا الذي ندخره لعاديات الزمن، ولأبنائنا وأحفادنا، مستثمراً في سندات الخزينة الدولارية، فذلك يبقى العائد عليه منخفضاً، ويهدده بالتآكل مع انخفاض الدولار المحتمل، وأتطلع لأن يتم تنويع استثماراتنا في الأصول التي انخفضت أرقامها حالياً وفي غيرها من المجالات الاستثمارية الأخرى حتى لا نكون قد وضعنا كل بيضنا في سلة واحدة وخالفنا قاعدة اقتصادية يتفق على صحتها الجميع.وطننا صحراوي يعتمد على مورد واحد شديد التذبذب ومهدد بالتوقف، ولم نتمكن حتى الآن من إيجاد موارد أخرى، ولذا فلابد أن نسعى جاهدين لتنويع الموارد. ومن الآن وحتى نتمكن من ذلك، فلابد أن نستمر في حفظ قرشنا الأبيض لليوم الأسود، ولابد أن نعمل على تنمية ذلك القرش الأبيض، فمن يدري ماذا يخبئ الزمن لنا ولأحفادنا في مدننا الصحراوية الأفقية المترامية الأطراف المكلفة في إقامتها وصيانتها... ولا بد أن نحرص على الاستمرار في حوارنا، ليس ذلك الذي يتم في غرف مغلقة، ولكن ذلك الحوار الحار الذي يدور الآن في الصحافة، ويطارد الفساد وأيامه السود، حفظنا الله وحفظ وطننا وحفظ قرشنا الأبيض وكل مخلص نزيه من كل مكروه. 0 : عدد التعليقات
Publisher
صحيفة الوطنVideo Number
502008Video subtype
مقالxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
3356Topics
الازمات الاقتصاديةالازمات المالية
الاسكان التعاوني
الاسكان الخيري
السعودية - الأوامر الملكية
الميزانية
The name of the photographer
عبدالله ناصر الفوزانDate Of Publication
20091207Spatial
السعوديةجدة - السعودية
جدة - السعودية