المملكة لم تقدم المبادرة وتنسحب بل واصلت قيادة الجهود الدبلوماسية لدعمها المبادرة العربية أول مشروع سلام عربي حقيقي قابل للتطبيق منذ 60عاماً

Abstract

لم يكن العرب في أشد أوقاتهم صعوبة في انشقاق كما هم عليه اليوم إذ ليس من الممكن اليوم فرز الصراخ عن بعضه ناهيك عن الإنصات لصوت العقل الهادئ الذي أصبح من المبرر جداً في ظل هذه الظروف أن ينأى بنفسه عن المستوى المرتفع من الفوضى والضجيج الذي لم يقدم وعلى مدى عقود شبراً واحداً من الأرض المغتصبة. لكن التطور والذي يعتبر بحق مأساة العرب اليوم أن خياراتهم تجاه فلسطين المحتلة سواء خيار المقاومة أو التفاوض أصبحت مجرد ملفات على طاولة تفاوض غير عربية سواء بقصد أو بغباء. وعلى مدى ستين عاماً لم تقدم أي جهة عربية مشروعاً عملياً للحل قابل للتطبيق قبل قمة بيروت العام 2002م عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد إذ ذاك مبادرته لتحقيق سلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ونجحت الدبلوماسية السعودية في حشد الاجماع العربي في تلك القمة لتبني المبادرة التي اصبحت فيما بعد مبادرة السلام العربية لتصبح المبادرة أول مشروع سلام عربي يجمع كل العرب ويقدم رؤية عملية للوصول للسلام العربي - الإسرائيلي، ولم يكن هناك قبل هذا المشروع حل شامل عدا مشاريع تجزىء القضية أو تلوح برمي اسرائيل في البحر! ووسط مأساة غزة التي تجري حالياً تعالت أصوات تطالب بسحب المبادرة العربية على أساس ان المبادرة هي لصالح اسرائيل لكن الحقيقة ان المبادرة العربية هي أداة ضغط على (اسرائيل) من جهة ورد على المجتمع الدولي الذي لطالما سخر من صراخنا في غرف الاجتماعات دون مشروع حل قابل للحياة من جهة أخرى. يضاف إلى ذلك أن الأصوات التي تطالب بسحبها لم تقدم مشروعاً بديلاً يمكن ان تتحرك الدبلوماسية العربية في اطاره. وتحدث خادم الحرمين في قمة بيروت عن القرار العربي الاستراتيجي للسلام، مؤكداً ان هذا الموقف ليس نابعاً من منطلق ضعف وقال ان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة العام 1967م، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، هو الطريق للسلام، لأنه بدون هذه النتيجة تصبح العملية السلمية مضيعة للوقت، ومجرد مناورات تقود إلى حلقة مفرغة من العنف. ثم وجه حديثه إلى الشعب الإسرائيلي مباشرة قائلاً: ان الشعب في (إسرائيل) لا يزال بعيداً عن الأمن والسلام رغم التفوق العسكري ورغم محاولات القهر والإذلال. وتنص المبادرة على تطبيع علاقات الدول العربية مع (إسرائيل) مقابل انسحاب الدولة العبرية من الأراضي التي احتلتها منذ 1967م إلى جانب قيام دولة فلسطينية مستقلة. كما تدعو المبادرة العربية إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتم الاتفاق عليها بالتوافق مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194وتعبر عن رفض جميع أشكال التوطين الدائم للفلسطينيين. وشهدت المبادرة العربية ترحيباً عالمياً ووصفتها النيويورك تايمز بأنها حملت بصيص أمل لأرض يئست من السلام، وأضافت المبادرة السعودية أوجدت احساساً بالأمل، الملك عبدالله احيى فكرة ان السلام ممكن رغم كل شيء. وعكس الترحيب الرسمي والشعبي بالمبادرة عند اطلاقها التعطش الدولي لمشروع سلام يدعمه رجل سلام بقامة الملك عبدالله، ونجحت المملكة في استغلال التأييد العالمي للمبادرة لتبقى ورقة الحل العربية الوحيدة منذ 2002م رغم كل المطالب بسحبها أو التهرب منها. كذلك قادت المملكة الدول العربية في كل الاجتماعات الماضية للتمسك بها والذهاب بها إلى الأمم المتحدة.