مهمة البحث عن الموازنة

Abstract

موازنة ضخمة وغير مسبوقة أعلنها خادم الحرمين الشريفين السبت قبل الماضي، سجلت رقماً جديداً، وكما قال ? الخير واجد ? ثم أعقب ذلك بندائه المتكرر بأنه لا عذر لكم أيها الوزراء، ومن ذمتي لذمتكم، وهنا إشارة إلى الإشكال الاقتصادي العميق الذي يعيشه الشعب في دورات الموازنة المتكررة، كيف نصل إلى ذمة الوزير، أو ذمة من يهدر المال العام من تحته... سؤالٌ صعب، ولكنه يُشير بوضوح إلى دلالة مهمة لأزمتنا الاقتصادية ومعاناة المواطنين، على رغم الأرقام التي تأتي وتذهب، ولكن فلنؤجل البحث عن هذا السؤال، ونستطرد في قراءة المشهد من جديد لنبحث عن آثار الموازنة. صحيح أن هناك احتفائية في الإعلام بمناسبة إعلان الموازنة، وتصريحات المسؤولين وبعض الوجهاء في الصحف، لكن الحقيقة التي رصدناها بجلاء في الشارع الوطني تُبيّن أن هناك إحباطاً أو فتوراً في الرأي العام لعموم مناطق المملكة، والمؤشر يُبيّن بأنّ المواطن العادي يشعر بأن هذه الأرقام لا تلاقي حاجاته المتعددة، فضلاً عن تحقيق طموحاته، ومنها قضية المسكن التي نعايش تطور الفشل في معالجتها وتحولها إلى مسلّمة قاتلة معنوياً لمستقبل المواطن، بعد أن صدر نظام الرهن العقاري من دون أي تحفيز لضبط أسعار الأراضي والوحدات السكنية، وبالتالي تحوّلها إلى أزمة دائمة عسيرة العلاج، والقفز مجدداً إلى مدارات أسعار كبرى، وما يعنيه ذلك من حقيقة مُرة للمواطن العادي من ذوي الدخل المتوسط، وحتى الجيّد بأن فرصة اقتناء منزل على أرض انتهت في خريطة المستقبل لحياته الشخصية ولا يدري عن مستقبل أطفاله، وأن الخيار هو بوحدة سكنية محدودة هذا لمتوسطي الدخل، أما الفقير فيمشي وكل شيء ضده. نحن هنا لا نتحدث جزافاً ولا عاطفةً، بل نتأمل بواقعية، فالأرض المتاحة بـ500 متر في مناطق سكنية للطبقة المتوسطة لدينا في الأحساء كمثال، بلغت 600 ألف وأكثر، فقط أرض وحتى المناطق البعيدة ذات نصف الخدمات والنائية عن بعض المدن تصل إلى 300 ألف، فمتى يجمع، ومتى يبني، ومتى يصله القرض؟ ماذا يستطيع المواطن أن يفعل لضبط مصروفه بعد التوحّش المستمر الجنوني في الأسعار الذي يأكل الراتب والدخل، وبالتالي يلهث حتى يستكمل به شهره من مصروفه، ولم يعد يستطيع أن يلاقي أياً من أزماته المادية لحاجاته وأولاده إلا بخدمات التمويل، فالمواطن السعودي مطوّق بتمويل البنوك... فالسؤال البسيط أين وقفت، وأين ستقف الموازنة من ذلك؟ هل سترفع الدخل.......