السعودية و سقيفة الحكم الجديدة
التاريخ
2006-10-24التاريخ الهجرى
14271002المؤلف
الخلاصة
السعودية و«سقيفة» الحكم الجديدة بصدور «أمر» الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء هيئة البيعة، وفق قانون خاص يحكمها، واختصاص محدد تقوم به، هو ضبط عملية اختيار الملك وولي عهده، بما يكفل اتحاد الاسرة الملكية والمحافظة على البلاد، تكون الدولة السعودية قد وسعت مساحة الاطمئنان السياسي لدى الشعب، وأضفت مزيدا من الاستقرار الدستوري. هذا أول انطباع يشعر به الإنسان السعودي، او يرصده المراقب لمشاعر الناس، فالآن، نستطيع الحديث عن «سقف» دستوري، مكتوب بوضوح، يحكم عملية انتقال الحكم من ملك الى ملك. صحيح أن النظام الاساسي للحكم الصادر 1992 في عهد الملك فهد تحدث عن هذا الجانب، لكنه كان حديثا مقتضبا، غير أن هذا النظام الجديد راعى في مواده الـ25، اكثر الاحتمالات، بل وانتبه حتى للاحتمالات النادرة الوقوع، مثل عجز الملك وولي عهده او وفاتهما في وقت واحد، ورأينا مصطلحات جديدة على القاموس السياسي السعودي، مثل مصطلح «مجلس الحكم المؤقت». نعم، بات بمقدرونا الاطمئنان، أنه حتى في اسوأ السيناريوهات حدوثا، مثل أن يشتد الخلاف والاختلاف حول الحكم، فإن هناك مرجعية وآلية تضبط هذا الخلاف والاختلاف. فهناك مواد قانونية واضحة وشفافة تعالج اغلب الحالات المفترضة بلا حرج معتاد، حالات مثل العجز الصحي او عدم صلاحية الشخصية المقترحة لموقع الملك او ولاية العهد، فالفقرة (ب) من المادة السابعة لنظام هيئة البيعة تقول: «للملك في أي وقت أن يطلب من الهيئة ترشيح من تراه لولاية العهد. وفي حالة عدم موافقة الملك على من رشحته الهيئة، وفقا لأي من الفقرتين «أ» و«ب» من هذه المادة، فعلى الهيئة التصويت على من رشحته وواحد يختاره الملك، وتتم تسمية الحاصل من بينهما على أكثر الأصوات وليا للعهد». والفقرة الحادية عشرة تقول: «في حالة توفر القناعة لدى الهيئة بعدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته لأسباب صحية، تقوم الهيئة بتكليف اللجنة الطبية المنصوص عليها في هذا النظام، بإعداد تقرير طبي عن الحالة الصحية للملك». وهكذا، نرى معالجة شفافة، تضع الحلول القانونية في حال اختلاف الهيئة مع ترشيح الملك، او في حال اقتناعها بوجود مانع يؤثر في صلاحية الحكم لدى الملك أو ولي عهده. الوضوح والصراحة، قد يكونان محرجين، ولكنهما هما اللذان سينفعان حينما تحصل حالة من الحالات المحذورة او المتوقعة، وحينها لا تقع البلاد والدولة، أو يجب ان لا تقع، في المتاهة. والحازم هو من يتوقع المشكلة قبل وقوعها، وليس من الضروري أن تقع، ولكنه إن واجهها، سيكون مسلحا ومستعدا لها. هذا من حيث المبدأ العام. يبقى الآن الحديث عن بعض الهواجس، التي قد تثار بخصوص هذا النظام، حول الشرعية والسلامة المنهجية الفقهية.. ومإ الى ذلك، وهو «لغط» بدأ يظهر في بعض المساحات الهامشية، يخفي خلفه اسئلة مبطنة حول مفهوم «ولاة الامر»، وإشكالية العلاقة بين العلماء والامراء المعروفة في ميراثنا الفقهي والتاريخي، هواجس مثل أن «نظام هيئة البيعة» قد يكون إحداثا في الدين وبعدا عن الصراط ، والحق أن النظام الجديد لم «يخترع» شيئا على مستوى المفاهيم الاساسية في الحكم الاسلامي، كما نُظّر له ومورس من مئات السنين، وكذلك في الممارسة التاريخية للدولة السعودية. كل ما جرى، على هذا الصعيد الشرعي، هو صياغة حديثة، لما كان يمارس أصلا، وايضا وعلى صعيد آخر، كشفا وشفافية وتقنينا لما كان يجري من مداولات داخل البيت السعودي حول الحكم. شيء آخر، تدوين دستور مكتوب ينص صراحة على انحصار الحكم في سلالة معينة، عمل به قبل حوالي قرن ونصف القرن، والباحث الكويتي الدستوري احمد الديين يخبرنا في كتابه (السلف والخلف في وراثة العروش) عن القانون الأساسي العثماني الصادر في 14 ديسمبر 1876 الذي ينص في مادته الثالثة على: «أن السلطنة السنية العثمانية الحائزة الخلافة الكبرى الاسلامية تكون لأكبر اولاد سلالة آل عثمان، بحسب الاصول القديمة». ويتحدث عن أقدم وثيقة دستورية عربية تتناول مسألة توارث الحكم في التاريخ العربي الحديث، وهي قانون الدولة التونسية الصادر في 26 ابريل 1861، إبان حكم البايات الحسنيين، حيث نصت المادة على: «أكبر هذا البيت الحسني هو الذي يتقدم لولاية المملكة عند انقضاء سلفه على عادة آله المقررة المألوفة، ولا يتقدم صغير على كبير الا بعذر يعجزه عن خدمة المملكة»، ثم يخبرنا الديين عن «أول» مملكة عربية تنص في دستورها على مبدأ التوارث، وهي المملكة العربية السورية، التي حكمها الملك فيصل بن الحسين الهاشمي. فقد نص دستورها على حصر الملك في الاكبر فالأكبر من أبناء فيصل الاول، متسلسلا على هذه القاعدة. وعلى المنوال ذاته نص دستور المملكة العربية الصادر عام 1925، التي حكمها ايضاً فيصل بن الحسين بعد خروجه من سوريا. وأما تأطير مفهوم البيعة بصياغة قانونية حديثة، فهو فرع من مسألة أشمل، وهي تدو
المصدر-الناشر
صحيفة الشرق الأوسط - طبعة القاهرةرقم التسجيلة
595844النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
10192الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودجورج طرابيشي
سلطان بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الهيئات
هيئة البيعة السعودي - السعوديةالمؤلف
مشاري الذايديتاريخ النشر
20061024الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية