بعد أن أبطأ به المسير كثيراً مسرح الجنادرية.. ذاكرة المسرح السعودي!

Abstract

بعد أن أبطأ به المسير كثيراً مسرح الجنادرية.. ذاكرة المسرح السعودي! الجزيرة الثقافية - ماجد العنزي : الجزيرة الثقافية - ماجد العنزي : كان المسرح ولا يزال حاضراً في الأذهان وعلى أرض الواقع كونه واحداً من ألوان الثقافة العريقة التي تجمع بين المتعة والفائدة؛ لذا فقد أفردت له مساحات واسعة ومكاناً بارزاً ضمن نشاطات المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي ينظمه الحرس الوطني كل عام تحت رعاية مباشرة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبتوجيه متواصل ومتابعة دؤوبة من لدن صاحب السمو الملكي الفريق أول ركن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان؛ حيث يقام كل عام مهرجان مسرحي يشارك فيه عشاق هذا الفن بأعمال مسرحية تمثل مختلف مناطق المملكة وتعبر عن مختلف المدارس المسرحية التقليدية منها والحديثة؛ ليتواكب مع تطلعات المسؤولين بالحرس الوطني ويتناغم مع هاجسهم الدائم بالرقي بفنون وتراث هذا الوطن الغالي. وإذا كان المهرجان قد مثل حكاية جميلة منذ انطلاقته فقد كان للمسرح دورٌ أساسي فيه منذ انضمامه إلى فعاليات الجنادرية حتى الآن؛ حيث تم تقديم عشرات الأعمال المسرحية القيمة على أيدي مجموعة من مبدعي الكتابة المسرحية والتمثيل، وكلها جاءت لتعبر بعفوية عن مجتمع هذا الوطن بقضاياه وهمومه ولتنقل رسالة فكرية إلى أذهان المشاهدين. وفي كل عام يطل علينا (أبو الفنون) برؤية عصرية جديدة من خلال مهرجانه القائم بذاته ضمن المهرجان الثقافي الأكبر. ولعل اهتمام المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالمسرح يأتي في إطار حرص المسؤولين بالجنادرية على تأكيد أهمية هذا النشاط الثقافي الإبداعي ودوره في تشكيل سلوك الناس والارتفاع بهم إلى مستوى الفضيلة من خلال زيادة الجرعة المسرحية في تناولها قضايا المجتمع في أبعادة الشعبية والأممية، وما ذاك إلا لوعي اللجان ورغبات النظارة والمتلقين في تأصيل المسرح السعودي الذي أبطأ به المسير كثيراً من الزمن منذ مشروع أحمد السباعي - رحمه الله - الذي لم ير النور المشع الذي يدله على مسالك النجاح في هذا الإبداع الذي يُجمع جمهرة الأدباء والمهتمين على أنه الفن القادر على تجسيد حركة الناس تجسيداً يبعث على تطهير النفوس من سلبيات الحياة ونقائضها على المستوى التراجيدي، وحتى على المستوى الكوميدي. ولقد أثبت مسرح الجنادرية أنه يمتلك طاقة قادرة على استيعاب ما يقام فيه من عروض مختلفة المشارب والمدارس من تقليدية أو تجريبية، وما تحويه من الندوات التطبيقية والجلسات الحوارية والنقدية والحلقات الفكرية المسرحية للعروض المفعمة بالحيوية. كما أن تواصل الفرق المسرحية سنوياً مع دورات المهرجان قد أعطى زخماً وتراكماً ثقافياً للباحثين والمهتمين في مجال المسرح السعودي، ومعرفة خصائصه ومميزاته وما طرأ عليه من تطور ومدى تفاعله مع النظريات والمدارس العالمية وإعطاء رؤية واضحة للتنبؤ بالتوجهات المستقبلية لحركة المسرح السعودي. كما أن اللقاء السنوي لأكبر عدد من المسرحيين السعوديين والمقيمين واجتماعهم في زمكانية واحدة أتاحا الفرصة لعقد لقاءات ثنائية وجماعية وتدارس أحوال الحركة المسرحية المحلية وتبادل الخبرات والمعلومات وقيام مشاريع مشتركة لفنانين من مناطق مختلفة. ويظل التتابع السنوي للمهرجان ميزة في أحداث ذلك المناخ المسرحي الذي أدى إلى بروز كوادر نجحت في مجالات مسرحية نحن في أمسّ الحاجة إليها مثل فنيي الإضاءة والديكور، إضافة إلى اكتشاف العديد من الأسماء الإبداعية تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً، وقد أصبح لدى المتابعين والمهتمين بالشأن المسرحي قدرة على تمييز سمات العروض المسرحية للفرق المشاركة حسب اختلاف المناطق؛ حيث تميزت كل منطقة بخصوصية معينة، ولم يكن باستطاعة المتابع لحركة المسرح المحلي رصد اتجاهات حركة المسرح إلا من خلال هذا المهرجان وقدرته على التواصل والاتصال وتوسيع مدى المشاركة الفنية والجماهيرية بعد أن ازداد خبرة ونضجاً وتنوعت أدواته ومواهبه من خلال أعمال مسرحية راقية ينتظر أن تكون أكثر قرباً من وجدان الناس وتطلعاتهم.