الفتوى وعربة الكشري
التاريخ
2010-08-16التاريخ الهجرى
14310906المؤلف
الخلاصة
في حالة الفوضى التي تسود العالم الإسلامي اليوم، لم تعد الفتوى لأهل الاختصاص، بل أصبحت هناك فتاوى لكل من هب ودب.. فتاوى جاهزة وسريعة و«مشطشطة» كأطباق الكشري في شوارع القاهرة الشعبية.. فتاوى تمكن منها متاجرون بالدين في الفضائيات وعلى النواصي وراحوا يطلقونها كيفما اتفق غير مبالين بعواقبها في أمور حياتية مهمة مثل الزواج والطلاق والميراث وغيرها من الشؤون التي تتصل بحياة العباد. حالة الفوضى هذه التي انحدرت إلى السوقية هي للأسف حالة عامة حتى تكاد تصبح الصبغة الأساسية التي يتميز بها زماننا. فالفوضى في كل ما حولنا، في نظمنا السياسية والاقتصادية وفي ثقافتنا، فعمراننا، مثلا، تجسيد مرئي للفوضى التي تجتاحنا ابتداء من الخلل في ضوابط البناء الذي جعل مدننا الحديثة كطبق السلطة، وانتهاء بالعشوائيات التي راحت تجتاح عواصمنا بلا معايير عمرانية ولا حتى إنسانية، من امبابة في القاهرة إلى السويدي في الرياض، مرورا ببستان الرز وحي الزهور في دمشق، إلى آخر هذه العوالم العشوائية التي ستفرز بطبيعة الحال عشوائية في نمط الحياة والتفكير والثقافة، ولا بد أن تصل هذه العشوائية إلى عماد ثقافتنا ألا وهو الدين.. ومن هنا لا عجب أن تسود عشوائيات الفتاوى «المشطشطة» كأطباق الكشري. عشوائية الفتاوى يتحمل جزءا كبيرا منها أولو الأمر منا، وهنا أقصد رجال الحكم في بلداننا، لأنه تحت ادعاءات ومخاوف واهمة عن الدين والطائفية والفتنة ترى الكثير منهم يفضلون مسايرة الدهماء في هذا الشأن تحديدا بدلا من توعيتهم ومواجهة عشوائياتهم. طبعا نسبة كبيرة من مسايرة القادة وصمتهم تعود أصلا إلى خوفهم الدائم نتيجة نقص في شرعيتهم، فتراهم يفضلون في هذا الأمر تحديدا أن ينقادوا لا أن يقودوا. ومن هنا، كان لا بد للزعيم المسلم الذي يريد أن يتصدى للسوقة والدهماء من أصحاب الفتاوى السريعة الجاهزة ولا يبالي بغضبهم، أن يكون واثقا من شرعيته وشرعية حكمة، كي لا يخاف صغار العلماء من أصحاب «عربات الكشري» الذين يحملون «المطاوي» أو المديات في الحارات المظلمة، فيخيفون الحاكم قبل المحكوم. وفي هذا الإطار تحديدا أرى الأمر الملكي الذي أصدره العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، منذ أيام، بقصر الفتوى على أهل الفتوى من كبار العلماء المتخصصين، والذي انحاز إلى اقتصار الفتوى على كبار العلماء لا صغارهم، على الخاصة لا على العامة، أنه بذلك قد رفع من....
الرابط
الفتوى وعربة الكشريالمصدر-الناشر
صحيفة الشرق الأوسط - طبعة القاهرةرقم التسجيلة
620814النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
11584الهيئات
جمعية علماء المسلمين - السعوديةالمؤلف
مأمون فنديتاريخ النشر
20100816الدول - الاماكن
السعوديةالعالم الاسلامي
الرياض - السعودية