الدعوة السعودية ورسالة التسامح الإسلامي

Abstract

كلمة اليوم الدعوة السعودية ورسالة التسامح الإسلامي كل الأمم تتجدد فكرياً وثقافياً وأخلاقياً، وكل القوى عندما تصل للمرحلة القصوى في مسار الصعود البياني، ما يلبث منحناها إلا أن يهبط، ثم تعاود الصعود من جديد. تلك هي نظرية النشوء الارتقائي بمعناه الزمني ـ وليس بمعناه الفلسفي كما قال داروين ـ وتاريخ الإمبراطوريات قديما وحديثاً، يؤكد أنه ما من أمة أو دولة توسعت أو وصلت إلى أوج قوتها، حتى عادت مرة أخرى إلى حالة من التفكك والضعف، وبعضها لم يستطع الصمود فاندثر تماماً وأصبح مجرد ذكرى تاريخية، أو حالة نستلهم منها العبر والعظات، القراءة التاريخية تشرح لنا كيف سادت أمم ثم بادت، وتوضح لنا كيف نشأت أمم من العدم، وقويت شوكتها ثم تلاشت كأن لم تكن. وما يعانيه العالمان العربي والإسلامي في الوقت الراهن من ضعف وتشتت، يزيد من الآمال والطموحات في أن تستعيد هذه الأمة مجدها الغابر الذي أنتج قوة استطاعت بدينها، وحضارتها وعلومها الوصول إلى أقصى بقاع الأرض.. وقدمت نموذجاً جديداً جذب الجميع رغم كثير من المؤامرات التي حاولت إجهاض حلم اشترك فيه الجميع بلا تفرقة مذهبية أو عرقية أو لونية، وكانت الحضارة الجديدة بوتقة صهرت جميع الأجناس واللغات والأعراق. لن ننكر الأخطاء الفادحة بحكم «التجربة» ولن ننكر النتائج الكارثية التي أطاحت بالعالم الإسلامي وجعلته يترنح فريسة بين القوى الناشئة، والتقسيم الغريب الذي شتت شمل الأمة وكاد يفرغها تماماً من هويتها، لكن يبقى المخلصون من الأمة ـ ولو تباعدت المسافة الزمنية ـ هم الأمل الذي يضئ بين الحين والآخر، في محاولة جادة لاستنهاض الجهود وتجميعها وتوحيدها، ومن هنا، يأتي الصوت السعودي الذي ما ينفك يحذر من خطر استمرار حالة التفكيك، وإشعار القادة والزعماء إلى تكريس النقاء الإسلامي الذي يتمسك بالوحدة والتعايش بين المذاهب، فكما أن المملكة هي قبلة المسلمين الروحية، فإنها أيضاً تحمل بقيادة خادم الحرمين الشريفين هموم المرحلة التاريخية، وتؤكد أن الوحدة الدينية في العقيدة، لا بد أن يتبعها وحدة سياسية في المنهج وفي التطبيق دون تضييق أو تخدير، لأن رسالة الإسلام المتسامحة تستوعب كل الآراء والاجتهادات والأفكار، وعاشت في ظلالها جميع الأديان دون تحقير أو تكفير أو إساءة، بل إن أصحابها نالوا ما لم ينالوه في دولهم الأساسية، وهذا ما لم ولن ينساه التاريخ على مر العصور.