هيئة عليا لمراقبة أسعار العطاءات في المشروعات الحكومية

Abstract

هيئة عليا لمراقبة أسعار العطاءات في المشروعات الحكومية عبدالوهاب محمد آل مجثل اطلعت على مقال الدكتور عبدالله ناصر الفوزان.. المنشور في العدد رقم 3365 من الوطن الصادر يوم الأربعاء 29/12/1430 تحت عنوان (ألا يوحي أسلوب خطاب المالية بكثرة الفساد في جدة..؟)وبعد قراءتي لهذا المقال أكثر من مرة خرجت منه بدروس مستفادة ومنها: أولاً: لا يزال البعض تحت تأثير صدمة الشفافية والخوف من نتائج الحرب الوخيمة بإذن الله على الفساد والمفسدين.. وهي الحرب التي أعلنها ورفع رايتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله وبارك لنا فيه – وانزعج منها البعض وهم كثر وللأسف، ولذلك فإنني أرجو ألا يستغرب أحد حينما يرفع أحدهم صوته بأن الإعلام قد بالغ كثيراً وهو يتحدث عن كارثة جدة، ولن يحزننا أن ذلك الصوت انطلق من تحت قبة مجلس الشورى، لأن المثل يقول صمت دهراً ونطق (...)، وأثق أنه لن يقبل على نفسه بأن يكون تصريحه الغريب تلك القشة التي قد يتعلق بها جهابذة الفساد وتلاميذهم وتكون البداية لعودة مقص الرقيب والذي يعود له الفضل فيما نحن فيه من كوارث بسبب انتشار الفساد وتكاثر المفسدين.ثانياً: أقف احتراماً وتقديراً وأرفع يدي وفوقهما طاقيتي وغترتي وعقالي لمتطوعي محافظة جدة، وعددهم يفوق الخمسة آلاف من الجنسين، وهم وكما علمت من جميع الأعمار والغالبية منهم هم من الشباب والشابات، والذين قالوا لنا وبملء الفم نحن هنا. ونحن من غرس هذا الوطن ونحن من أهل التضحية والوفاء، ومظاهر النعمة والرفاهية ليست سوى قشور تافهة استطعنا التخلص منها في ثوان معدودة. أما الذين انتقدوهم وحاولوا تعطيل أهدافهم الإنسانية السامية والنبيلة بكل الطرق والوسائل، فإنهم لم يقفوا عند حدود الحيلولة بينهم وبين القيام بواجبهم الديني والوطني، بل تجاوزوها إلى الشماتة في الضحايا، وأن ما وقع عليهم هو غضب من الله، وكأن الغضب لا يحل إلا بالضعفاء دون غيرهم وبجنوب وشرق جدة دون شمالها وغربها.والمهم أن الأهداف قد تحققت. ونقول لهؤلاء جميعاً شكراً وبارك الله فيكم.ثالثاً: أشير إلى نقطة مهمة وهي أن خادم الحرمين الشريفين قد فتح الأبواب على مصاريعها وأعلن الحرب على الفساد والمفسدين ليكونوا عبرة ورادعاً، هذا من جهة، ومن الأخرى، فإن الفساد والمفسدين ليسوا في جدة فقط، بل يتواجدون في كل مكان، وكلنا سمعنا عن الجهاز الذي قيمته في إحدى الدول 30 ألف ريال وسعره لدينا بمليوني ريال. وسمعنا عن المسؤول الذي اشتكى منه الجميع دون استثناء وبدلاً من تنحيته أو نقله أو حتى إحالته إلى التقاعد، كانت مكافأته خطاب شكر وترقية. وسمعنا عن الصمت الرهيب والمخيف لبعض المسؤولين في إشارة إلى أنه لا يهمهم لا وطن ولا مواطن. وسمعنا وقرأنا عن المشاريع التي تبدأ ولا تنتهي حتى بعد مرور عشرات السنين، وعن مشاريع الإنفاق في بعض المدن، التي لم يكن لها أي داعٍ وأصبحت جروحاً نازفة في وجه تلك المدن المنكوبة ببلدياتها ورؤسائها من الأمناء. وسمعنا عن مشاريع السفلتة المؤقتة والتي تعاد ترسيتها مرات ومرات على ذات المقاول. وليس هذا فحسب، بل إن بعض الوزارات والمصالح الحكومية تتنافس في حفر الشوارع، فلا يكاد المقاول ينتهي من تنفيذ المشروع الذي تمت ترسيته عليه، حتى يبدأ مقاول آخر في حفر الشارع نفسه من جديد لتنفيذ مشروع مياه أو صرف صحي أو كهرباء أو هاتف.. وهكذا... وهذا نزف للمال العام لا حدود له! أما مقاولو الباطن، فهو اختراع لا يوجد في أي بلد آخر، بل إن الفساد والاستغلال وسوء التنفيذ بشكل عام، نفذ وما زال ينفذ وسيظل من خلال عقود الباطن. والدليل أن المشروع الذي تتم ترسيته بنصف مليار مثلاً يتم الاتفاق مع مقاول الباطن لتنفيذه بأربعين مليونا، ولذلك فإن الميزانية مهما تضخمت، فإن أسعار المقاولين تتضخم تبعاً لذلك. ومقاولو الصيانة والنظافة هم فقط من تتابعهم وزارة المالية، والمتابع سيكتشف أن عقود الصيانة والنظافة شبه ثابتة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً ما عدا بعض عقود التعميد المباشر والتي تتضخم سنوياً، لأنها لا تخضع لنظام مشتريات الحكومة.وأنا هنا لا أتحدث عن أسرار، بل عن حقائق يعرفها معظم المواطنين. و(المنتديات الإلكترونية) ميدان واسع لمن أراد الاطلاع والاستزادة. ولذلك فإن الأمر يحتاج إلى تدخل الجهات العليا والأمر بتشكيل هيئة عليا مهمتها مراقبة أسعار العطاءات المقدمة في المناقصات بأنواعها.وبهذه المناسبة، فإنني اقترح تخصيص مكافأة مجزية لكل متعاون يقوم بالإبلاغ عن أي مخالفة أو تجاوز وتثبت صحة معلوماته.