يوم اليتيم العربي بالقصيم لليتيم بسمة .. فمن يرسمها أطفال الشهداء والآثار النفسية

Abstract

اهتم الإسلام بشأن اليتيم، وحث الشارع الحكيم على وجوب توفير الرعاية له، واليتيم: هو المنفرد، الذي مات ابوه دون سن البلوغ، حيث اهتم ديننا الإسلامي اهتماماً بليغاً باليتيم ورعايته حتى انه وعد من حقق ذلك بالجنة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما، رواه البخاري. كما أكد ديننا واوصى بالرحمة والعطف للايتام، قال تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر) - الضحى 9- 10، وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين احساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت إيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) - النساء 36- 37.كما أدركت شريعتنا السمحة ما لفقد الأب من أثر نفسي بليغ على الطفل، لذاحثت على العناية به وتعويضه ولو جزءاً يسيرا من المحبة والحنان بعد فقد الأب، فقد روى بشير بن عقربة الجهني قال: لقيت رسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقلت ما فعل أبي؟ فقال: استشهد رحمة الله عليه، فبكيت، فأخذني فمسح رأسي، وحملني معه، وقال: أما ترضى أن أكون أنا أبوك وعائشة أمك؟. إن دور كل من الأبوين في رعاية الأسرة أمر لا يختلف عليه اثنان، وتعظم المسؤولية وتصعب عندما يفقد الأب. ففضلاً عن فقد الأسرة لعائلها فإنها تشعر بالحزن والأسى لفقد العزيز الغالي. سيعاني الأبناء فقد الراعي الاول لهم، كما سيحرمون الرعاية والتوجيه اللازمين لنشأتهم. وبذلك يعد اليتم مصدر قلق للأبناء، وخوفهم من المستقبل، ومن المجهول. وقد كانت هذه الاسباب مجتمعة من أهم الدوافع لظهور فكرة تأسيس لجنة رعاية أسر شهداء الواجب في منطقة القصيم وبتوجيهات ومتابعة مباشرة من حكومتنا الرشيدة. تعد لجنة رعاية أسر الشهداء هي الاولى من نوعها على مستوى المملكة بعد أن شهدت احداثاً أليمة ترتب عليها فقد العديد من أبناء الوطن بلغ عددهم أكثر من 126شهيداً في منطقة القصيم، وقد نشأت هذه اللجنة تحت مظلة اللجنة النسائية في منطقة القصيم، وذلك لرعاية أسر الشهداء في جميع الأمور ابتداءً بتقديم واجب العزاء والمواساة مروراً بتلمس احتياجات الأسرة الاقتصادية والمعنوية والاجتماعية والقانونية والنفسية والتعليمية وغيرها. وقد بذلت اللجنة جهوداً كبيرة في هذا الاطار لتحقيق أهدافها المرجوة، ولعلي أشير إلى جانب مهم لدى اليتيم وهو البعد النفسي لفقد الأب. إن فقد الطفل للأب بشكل عام، وفقده كشهيد على وجه الخصوص يعد امراً نفسياً بالغ الحساسية لدى الطفل. ولقلقنا الكبير على أطفال الشهداء كونهم فقدوا آباءهم تحت ظروف قاسية وبشكل مفاجيء، فقد تم الاستعانة بالمتخصصين والمتخصصات لتشخيص الوضع القائم والمساعدة على تجاوز الأطفال لهذه المرحلة الحساسة بسلام. حيث اشار المتخصصات إلى أن الطفل الذي فقد والده شهيداً في الدفاع عن الوطن ضد الإرهاب يمكن أن يواجه مجموعة من المشاعر المختلطة والمتضاربة أحياناً. وإذا لم تتوفر للطفل الفرصة أن يعبر عما يعتمل في نفسه من مشاعر، فقد يدخل في أزمة نفسية حادة تظهر على شكل اضطرابات نفسية وسلوكية. وبالفعل فقد لوحظ على بعض أطفال الشهداء وخاصة الاناث بعض الاضطرابات النفسية والتي من مظاهرها: - التعلق الشديد بالأم. - الاعتماد الزائد على البالغين وخاصة الاشخاص القريبين منه - مثل الأم والأخوة. - فقدان الثقة في قدرة الكبار على حماية الطفل. - اضطراب في النوم وأرق. - انعزال اجتماعي. - رفض المدرسة. وقد اتضح من تجربتنا مع أبناء الشهداء أن هناك فروقاً فردية بين الأطفال في مدى التأثر بفقد الأب، حيث ظهرت هذه الاعراض أو بعضها على طفل دون الآخر، واستمرت لفترة طويلة مع الطفل دون غيره في الأسرة الواحدة. مما دفع اللجنة إلى الاستعانة بنخبة من المتخصصين والمتخصصات للاطلاع على كل حالة فردية وتشخيصها ومن ثم اخضاعها للعلاج النفسي المناسب. وقد تزامن ذلك مع التوعية المستمرة لأسرة الطفل من قبل المختص المسؤول عن هذا الطفل وباشراف مستمر من عضوات اللجنة. وبفضل من الله تجاوزت الأسر التي واجهت هذه الحالة الأزمة بسلام. ومما ساهم في التعامل الناجح مع هذه الحالات التوعية المستمرة لافراد عائلة الطفل وتشجيع البيئة الداعمة لشفاء الطفل مثل تعاون المدرسة وأفراد الأسرة والمتابعة الدقيقة والمستمرة من قبل لجنة رعاية أسر الشهداء، ان ما تم تقديمه لهؤلاء الأطفال ليعد جزءاً يسيراً مما يمليه علينا الواجب تجاه أبناء هذا الوطن الغالي المعطاء، كما أتمنى لكل من ساهم في دعم هذه اللجنة بجهده ووقته وماله، التوفيق والأجر الخالص.