ثقافة التكريم بعد الرحيل
التاريخ
2008-12-25التاريخ الهجرى
14291227المؤلف
الخلاصة
الخميس, 25 ديسمبر 2008عبدالرحمن عربي المغربيأتابع منذ فترة قضية التكريم لمبدعينا وروّادنا، الذين أفنوا العمر لخدمة وطنهم في شتّى المجالات، وفي أكثر من اتّجاه، وذلك عبر ما قدّموه من جهود، سواء علمية، أو عملية، أو مشاريع بالتأكيد عادت على هذا الوطن بالنفع، وشكّلت صورة المملكة العربية السعودية في العالم الخارجي، ونحن متفقون على أن التكريم لهؤلاء الذين أثروا المجتمع بعطاءاتهم وأعمالهم الإبداعية إضاءة جديدة، ونقطة مفصلية في حياتهم، وفاءً وعرفانًا لتفانيهم في مشوار الإبداع، ولكن هناك جفاء وجرم في عالم اليوم تجاه التكريم، بل تجاه الروّاد المبدعين، فبعد أن تُقبض أرواحهم، ويصبحوا تحت الثرى تعجُّ الأصوات بالتنظيرات، وتتدافع إلى الإشادة بما قدّموه، وتُفرد الصفحات وقد جفّ النبع، ثم نصرخ بأن هذا المبدع يستحق التكريم! وكل ذلك من أجل إخفاء إهمالنا. وكما تقول بدرية الصالح عندما سُئلت: متى يُكرّم المبدع؟ فأجابت بأن التكريم خلال الرحلة المضنية، وأفضله في سنوات العطاء، وقبل أن يبلغ المبدع من الكبر عتيًا، أو يكون على مشارف الموت؛ لأن التكريم بعد الفناء هو رثاء تُقام فيه الحفلات، وهو نوع من البكائيات التي لا تعني المبدع، ولا الإبداع في شيء.نعم.. نحن نعيش كثيرًا من حالات التناقض في مجتمعنا تجاه ثقافة التكريم، بل هناك حيرة وعدم فهم لهذه الثقافة، وازدواجية فيما نعلنه ونتبناه، ولكننا نفعل العكس.وقد أعجبتني كلمات عضو اللجنة العليا لمهرجان الروّاد والمبدعين العرب القاص السعودي خليل الفزيع بجريدة الحياة، السبت 22 ذي الحجة، عندما عبّر عن أسفه لعدم اهتمام المؤسسات الثقافية بتكريم المبدعين، وهي تنتظر المبدع حتّى يودّع الحياة، ثم تقوم بتكريمه! وطالب بإعادة النظر حتّى يغدو التكريم ثقافة عامة، وليس مناسبة طارئة.أقول: من الإنصاف أن يتم تكريم المبدعين والروّاد في حياتهم وهم بين محبيهم وأهلهم، وخلال رحلة عطائهم حتّى يروا ثمرات جهدهم، ويجدوا أيضًا حلاوة تكريمهم، وسعادتهم بهذا التكريم.ولا زالت عالقةً في ذهني تلك المقولة التي أطلقها ذلك الفيلسوف، مبينًا الشرخ الذي أصاب هذه الثقافة، فقال: (جملةُ مدحٍ تُقال في حقّي خيرٌ من ألف كتاب يُكتب عني بعد موتي). بعد هذه المقولة أما آن الأوان لنصحو من فوضى هذه الثقافة العقيمية؟!وفي غمرة تلك المتابعات أتجاذبُ أطراف الحديث مع الأديب الأستاذ الدكتور عاصم حمدان، وأقول له: لماذا هذا النكران والجحود في هذا الزمن الصعب؟ لماذا كثيرًا ما يُهضم حق المبدعين والروّاد والمتميّزين في التكريم والإشادة بعطاءاتهم وإنجازاتهم في حياتهم؟ لماذا يأتي التكريم بعد فوات الأوان؟ويهمس هاجس في أعماقي ليفصح عن تكريم مهرجان الجنادرية للعديد من الروّاد في هذه البلاد الطيبة وهم على قيد الحياة وأمام محبيهم، ثم إن جامعة أم القرى لها دور في تكريم الروّاد، واثنينية الأستاذ عبدالمقصود خوجة، ثم تابعنا مبادرة الشيخ أحمد زكي يماني، ومؤسسة دار الفرقان للأديب والمربي المكي عبدالله عبدالجبار في حياته -أمد الله في عمره، ومتعه بالصحة- حيث قام الأستاذان محمد سعيد طيب، وعبدالله فراج الشريف بالإشراف على إعداد وإخراج المجموعة الكاملة لهذا الأديب المبدع بمؤازرة عدد من الباحثين الأساتذة: فهد الشريف مدير تحرير جريدة “المدينة” المشرف على ملحق “الأربعاء”، وحسين بافقيه رئيس تحرير مجلة الإعلام والاتصال، ومحمد القشعمي، وهذا ما يعيد الأمل لهذه الثقافة حتى تكتمل المسيرة، كما أخبرني الدكتور عاصم حمدان أن الشيخ أحمد زكي يماني أنشأ جائزة الشاعر محمد حسن فقي في حياته، وحضر -رحمه الله- بعض دوراتها.أخيرًا.. إنني من خلال كلماتي هذه أقول: يحظى الروّاد والمبدعون في هذا العهد الطيب من خادم الحرمين الشريفين برعاية وعناية، وهذا الاهتمام أعطى لمسيرتهم إضافة جديدة وهي دعوة حتّى تنتهج الهيئات العلمية والمؤسسات الثقافية وغيرها هذا النهج ليدرك الجيل، ويعرف أن الوفاء والعرفان يجريان في الدم.رسالة:كل محبة يقطعها الموت إلاَّ المحبة في الله، فإن حبلها ممدود إلى رياض الجنة.
الرابط
ثقافة التكريم بعد الرحيلالمصدر-الناشر
صحيفة المدينةرقم التسجيلة
670723النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
16682الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودأحمد زكي يماني
حسين بافقيه
خليل الفزيع
عاصم حمدان
عبد الله فراج
فهد الشريف
محمد بن عبدالرازق القشعمي
محمد سعيد طيب
المؤلف
عبدالرحمن عربي المغربيتاريخ النشر
20081225الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية