للاجتهاد أصوله وأهله وللفتوى قواعدها ورجالها
Date
26-8-2010xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14310916Author
Abstract
لا يختلف اثنان على ما حدث مؤخرا من خلط المفاهيم والمصطلحات لا سيما حتى مست المسألة الفتاوى الدينية، وكأنها صارت كلاً مستباحا لكل من هب ودب، وخاصة حين اختلطت الأوراق بين مفهوم الحرية والفوضى دون مراعاة للمقدس والثوابت والرموز الدينية والمرتكزات الكبرى الضامنة لسلامة حياة الأمة، وسلامة عقول أجيالها الجديدة. لا يختلف اثنان على ما حدث مؤخرا من خلط المفاهيم والمصطلحات لا سيما حتى مست المسألة الفتاوى الدينية، وكأنها صارت كلاً مستباحا لكل من هب ودب، وخاصة حين اختلطت الأوراق بين مفهوم الحرية والفوضى دون مراعاة للمقدس والثوابت والرموز الدينية والمرتكزات الكبرى الضامنة لسلامة حياة الأمة، وسلامة عقول أجيالها الجديدة. ربما كان لبعض الفضائيات دور فاعل في اجتذاب الكثيرين ممن منحوا أنفسهم حق الإفتاء، ومعظمهم ليسوا له أهلاً، حيث لم تكتمل لديهم الأدوات المنهجية اللازمة للمفتي الحقيقي الذي يجب أن يدخل في زمرة العلماء بما يمتلكه ويتسلح به من الأدوات اللازمة على مستوى اللغة والبلاغة والنقد والأدب ودراسة العلوم الدينية حول ملابسات النص القرآني بين المكي والمدني، وأسباب النزول، والمحكم والمتشابه إلى غير ذلك الكثير من العلوم القرآنية واللغوية والبلاغية، إلى مثلها مما لا يصلح أمر الفتوى إلا بالتمكن منها حتى نستطيع أن نأتمن صاحب الفتوى ونطمئن إلى سلامة مرجعية فتواه.. ومن ثم الاطمئنان إلى صدقها.. أما ما حدث مؤخراً من صور الاجتراء الرخيص، أو التجاوز المقيت في مجال الإفتاء فبدا أمرا يستوجب المراجعة والمساءلة على النحو الذي ظهرت فيه مبادرة خادم الحرمين الشريفين بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء في لحظة تاريخية فاصلة استوجبت تلك الوقفة الجادة بكل تداعياتها الإيجابية المتوقعة. لعل هذا القصر له أصوله ومقوماته ومرتكزاته، وله أيضاً حتميته وضروراته حتى لا يستهان بالأمر الديني ليصبح مهنة له من هواة الشهرة، أو راغبي الارتزاق، أو قاصدي الانتشار على حساب المعتقد وكأنه لا صاحب له!! وصل الأمر ببعض الشعراء في مقالاتهم أن تحولوا إلى مجال الفتوى، وكذا بعض القيادات الثقافية التي لا علاقة لها -أساساً- بالإفتاء فإذا بالبعض يتصدى للفتوى في أمر الحجاب - على سبيل المثال- حتى وإن لم يعرف أن أركان الإسلام خمسة وليست أربعة كما يتصورها!! أصبح الأمر -إذن- في حاجة إلى وقفة متأنية تتناسب مع أهمية الظاهرة وامتداد خطرها حتى على أصحابها، وعلى جمهور المسلمين ممن يتلقون الفتاوى من غير أهلها، ومن ثم تبدو فتاوى زائفة وزائفة شأن ما يملأ حياتنا أحياناً من بضاعات فاسدة!! وحين تضع الظاهرة في نصابها الطبيعي يبقى من حقنا أن نتساءل عن كل التخصصات العلمية الدقيقة التي لا تقبل آراء غير المتخصصين فيها وإلا حدثت الفوضى إذا ما أفتى المهندس- مثلاًُ في علوم الطب، أو الطبيب في الإنشاءات الهندسية، أو عالم الكيمياء في العلوم الدينية إلا أن يستكمل من الدراسات الفقهية والإسلامية ما يؤهله لذلك كما يحدث -مثلاً- في قضايا الإعجاز العلمي القرآني، أو مسائل العلم والإيمان، وهي - بطبيعتها- لا تدخل في باب الإفتاء.. حين تحدد الظاهرة بشكل أدق وأكثر إحكاماً فمن حقنا أن نرفض صور التجاوز حين يتشدق البعض بأن من حق كل مسلم أن يفتي بقياس القائل هم رجال ونحن رجال، وكأنما يتجاهل ضرورة سؤال أهل الذكر، وما نص عليه الذكر الحكيم من أفضلية العلماء على من سواهم في خشية الله، وقراءة أسرار الكون، وتنبيه البسطاء إلى الحقائق التي تكتشف بالعلم والمعرفة وصحيح المنهج بعيداً عن العشوائية أو الارتجال أو الادعاء مما يبدو غير مقبول حين يمس الأمر المسائل والقضايا الدينية بما لها من الخصوصية والاحترام الواجب.. ولنا في علمائنا الأجلاء أسوة طيبة في ذلك حين حددوا الحقول المعرفية للمجتهد بأن يتمكن جيداً من فهم كتاب الله، وفهم آياته تفسيراً ووعياً بالدلالات والصور بما حولها وما وراءها من معرفة باللغة ومن اللغة والبلاغة والمجالات الدلالية، وأن يدرك جيدا أبعاد جوامع الكلم في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأن يكون على دراية كافية بأصول القياس في الأحكام، ومراجعة النظائر والأشباه من خلال ما ورد عبر الآحاد أو التواتر وأن تتوافر لديه الخبرة حول حدود الإجماع وشروطه ومساحاته وأبعاده، ثم حدود الاجتهاد المبني على الأسس المنهجية القويمة بما يتجاوز ساحة الفوضى والشطط في متاهات الحياة العصرية التي ازدحمت بكثير من الأخطاء التي يجب ألا تمتد إلى ثوابت الدين، وألا تمس مرتكزاته الكبرى بما يوجب على المسلم الالتزام بأصول المنهج حتى لا يضل الطريق أو أن يكون وسيلة تضليل للآخرين فيحمل أوزارهم مع أوزاره حين يقدم على الإفتاء وقفا على ما ليس له به علم.
Publisher
صحيفة الجزيرةVideo Number
673655Video subtype
مقالxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
13846The name of the photographer
عبدالله التطاويDate Of Publication
20100826Spatial
السعوديةالرياض - السعودية