إدارة اليوم الوطني

Abstract

كان مساء الثلاثاء الماضي الثالث والعشرون من هذا الشهر، مختلفا للغاية في مدينة الرياض، السيارات التي تدثرت باللون الأخضر، والعباءات السوداء التي وجدت لها مبررا جيدا في أن تغير لونها الأسود الدائم إلى الأخضر، وجوه الصغار الملونة بالأخضر، والتعليقات التي تتدلى في صدورهم تحمل صورة خادم الحرمين وولي العهد، والأعلام الخضر التي ترفرف من السيارات وتملأ الشوارع، والمظاهر العامة التي تعبر عن شيء أقرب ما يكون إلى مسيرة شعبية وطنية ، كانت كلها مظاهر تشير إلى أن حدثا غير عادي يمر بهذه المدينة الكبيرة. الذين تجولوا تلك الليلة في شوارع الرياض شاهدوا كيف كان اللون الأخضر وصور الملك وولي العهد أبرز المشاهد والصور التي تملأ شوارع العاصمة. قبل ذلك اليوم بيومين أو أكثر كانت محلات بيع الهدايا ومحلات القرطاسية التي تبيع أعلاما وصورا وطنية، كانت تعيش حالة من الاستنفار وكثافة الزبائن الذين بدأوا في الاستعداد لهذه المناسبة مبكرا، وشهدت تلك المحلات حركة أشبه بتلك التي تسبق أيام الدراسة من كثافة في الزبائن وعمليات البيع والشراء. وهي إحدى المظاهر الجديدة التي تشير إلى أن ما يحدث اليوم في الاحتفال باليوم الوطني لم يعد نهارا عابرا ولا ليلة سريعة وإنما أصبحت مناسبة تأخذ من الناس ما تأخذه منهم المناسبات الحقيقية من استعداد وتحفز لها. في تلك الليلة لم تكن شوارع الرياض للجميع، كانت فقط لمن يريدون الاحتفال، والذين كانت لديهم مواعيد أو أعمال تقتضي منهم أن يستخدموا أيا من الشوارع الرئيسية في المدينة كان عليهم أن يبكروا في الذهاب إلى أعمالهم أو أن يؤجلوها إلى الغد ، فالرياض مشغولة بلونها الأخضر وأبنائها وبناتها المبتهجين. لم يكن اليوم الوطني قبل الآن سوى عبارة عن ساعات من البث التقليدي يتكفل بها التلفزيون السعودي،والإذاعة السعودية (لمن لا يزال يسمع الإذاعة السعودية) تكرر أفلاما ووثائقيات وأغاني وطنية لم يكن للناس أية صلة بذلك، بالإضافة إلى عناوين وصفحات من التهاني تكتظ بها الصحف، لكن كل ذلك تغير الآن بعد أن تم إقرار اليوم الوطني يوم إجازة رسمية وهو ما مثل أولى الخطوات في فتح الباب لأن يشترك الناس في هذه المناسبة ولتصبح مناسبتهم هم، ولم يتضمن ذلك أي دعوة للاحتفال أو حث عليه، لكن الذي حدث أن الناس يحتفلون باليوم الوطني من تلقاء أنفسهم، بل وحسب رغباتهم، لكن حالة الالتفاف الشعبية حول هذه المناسبة وحول هذا....