الاستثمارات وتوزيع المخاطر
Date
2008-12-23xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14291225Author
Abstract
من حسن حظ المملكة العربية السعودية أن وهبها الله سبحانه وتعالى مساحات شاسعة ذات عمق جغرافي مميز وسواحل بحرية طويلة ما يوفر لها خيارات واسعة لتوزيع استثماراتها سواء كانت على هيئة مجمعات صناعية ضخمة Mega Projects أو غيرها. وما يعزز هذا التوجه العقلاني الرؤية بعيدة النظر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمد الله في عمره, بإنشاء مدن اقتصادية في بقاع متعددة من الوطن تتوافر فيها البنية الأساسية والطاقة اللازمة. ذلك أن الأوضاع الجيوسياسية السائدة في العالم اليـوم، ولاسيما على المستوى الإقليمي، تجعل من الواجب عند دراسة جدوى المشروعات الاستراتيجية أو ذات الاستثمارات الكبيرة أن نراعي بشكل أكثر من ذي قبل عنصر المخاطر المحتملة المرتبطة بالمواقع المتاحة لتلك المشروعات عند مفاضلة موقع منها على الآخر. إن دراسات الجدوى التي تغفل عنصر المخاطر وتقتصر فقط على تناول العناصر التقليدية كحجم السوق, المواد الخام, إمدادات الطاقة, التمويل, وغيرها, لم تعد كافية لرسم صورة عادلة ومتكاملة عن أي مشروع على المدى الطويل, وبالذات إذا كان موقعه يجعل صادراته معتمدة على حركة نقل بحري رهينة بوتيرة المواجهات الإقليمية التي تتصعد بين الحين والآخر وما يتبع ذلك من ارتفاع في أسعار التأمين وأجور الشحن. ثم هناك نوع آخر من المخاطر المرتبطة بمواقع أكثر من غيرها كالزلازل والأعاصير التي قد يمتد دمارها إلى نطاق واسع. وما يؤكد أهمية دراسة المخاطر المحتملة وتوزيعها أن المملكة مقبلة على بناء عدد كبير من المجمعات الصناعية الضخمة تزيد المبالغ المستثمرة في كل منها على 20 مليار دولار, ومرافق استراتيجية لتحلية المياه وتوليد الكهرباء بقدرات واستثمارات غير مسبوقة. صحيح أن المملكة لديها تجربة سابقة في بناء وإدارة مجمعات صناعية ضخمة عندما أنشأت المدينتين الصناعيتين في الجبيل وفي ينبع قبل أكثر من 30 عاماً, غير أن المشهد على الساحة الدولية والإقليمية يومئذ يختلف تماماً عما هو عليه اليوم. وكنت قد كتبت في مقالات سابقـة عن نشأة تلك المدينتين, والأسباب التي أفضت إلى اختيار موقع كل منهما من بين ما كان هناك من خيارات. بالطبع كان من أهم تلك الأسباب القرب من مصدر الطاقة, وكذا القرب من مياه عميقة تسمح ببناء مرافق بحرية قادرة على استقبال أكبر السفن لنقل المنتوجات بأقل تكلفة اقتصادية إلى الأسواق العالمية. كما تناولت....