كيان وطني جامع

Abstract

توحيد المملكة العربية السعودية سياسيا عام 1932، في ظل الظروف السياسية المحلية والإقليمية والدولية آنذاك، يعد بمثابة تفكير نموذجي مستقبلي يستجيب إلى رغبات المواطنين السعوديين في الاستقرار بكيان سياسي وطني، جامع وشامل لكل فرد منهم. وذكاء الملك عبدالعزيز هو في قدرته على النفاذ إلى قلوب شعبه وتحسس تطلعاتهم، وقيادة طموحهم إلى أسطورة من الوحدة الوطنية انصهر فيها حاجة الواقع المعيشي لسكان محليين مشغولين بحياتهم اليومية، هذا الانصهار يتطلب أن ينصهر الواقع بالتخطيط للمستقبل لتكوين نموذج وطني فريد اسمه المملكة العربية السعودية. ملحمة التوحيد قراءة لرغبات الشعب في الوحدة والاستقرار المدني، والأخذ بمتطلبات العصر الحديث في إدارة شؤون المجتمع والدولة. من عاصر المملكة قبل التوحيد وما بعده، يدرك أهمية الأسطورة وتكونها لبنة لبنة على أيدي رجال مخلصين من ملوك وأمراء ومواطنين، حددوا خياراتهم في التقدم والبناء والعدالة. المملكة اليوم في حالة مستقرة، يسودها الازدهار الاقتصادي والعمراني والتعليمي، وتمتلك موارد طبيعية هائلة وكذلك موارد بشرية متقدمة لقيادة التحول بأمان واستقرار. لا خوف على وطننا، ما دامت قيم العدالة والمساواة والتكافؤ في الفرص بين مكونات الشعب، ما زالت هي المعيار في خدمة الوطن. ظروف عديدة مرت على وطننا لعل أخطرها انخفاض مداخيل النفط في ثمانينيات القرن، وتعطل بعض عجلات التنمية، وقد تجاوزنا هذه المرحلة باقتدار من خلال خطة اقتصادية تحملها الوطن وأبناؤه بكفاءة واقتدار في عمر زمني محدود. أما الظرف الآخر فهو نشوء حركة الإرهاب والتكفير حين حاول تنظيم القاعدة هدم الاستقرار والأمن بالتفجير والاغتيالات، ومنع عجلة التحديث في الأنظمة والقوانين بل حاول أن يضرب مصدر قوتنا وهو النفط، لكن تم القضاء على خلاياه وحماية الوطن من العنف. أصعب تحديين واجها وطننا تم تجاوزهما بفضل حنكة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإخلاصه لوطنه وحبه لشعبه، وللديناميكية في سياساته التجديدية، وإصراره على أن نسابق الدول المتقدمة في المنجزات. إنه يوم خالد في التاريخ صنعه الملك الموحد، وحافظ عليه أبناؤه وشعبه باقتدار كأكبر وحدة وطنية في الوطن العربي.