الهوية الثابتة

Abstract

للعصافير فضاءالهوية الثابتةنجوى هاشمفي الأيام الماضية اكتظت مشاعر النساء مطالبات بالتعيين في المجالس البلدية. إن تعثر الدخول إلى الانتخابات، إصرار متواصل على المطالبة والانضمام إلى دائرة الشراكة الاجتماعية مع الرجل بشكل تكاملي يتداخل فيه التشريع واتخاذ القرار، ورسم وتخطيط ملامح المجتمع القادم. نجوى هاشمفي الأيام الماضية اكتظت مشاعر النساء مطالبات بالتعيين في المجالس البلدية. إن تعثر الدخول إلى الانتخابات، إصرار متواصل على المطالبة والانضمام إلى دائرة الشراكة الاجتماعية مع الرجل بشكل تكاملي يتداخل فيه التشريع واتخاذ القرار، ورسم وتخطيط ملامح المجتمع القادم. ظلت المرأة تحاول وكأن ما سيأتي يرتبط بإرادتها ورغبتها في الدخول إلى دائرة المشاركة، ولم تكن تنتظر أن تعبر بعيداً عن خطوط تماس الانتخابات البلدية، لتصبح الشريك الأساسي في صنع توحد هذا البلد، وبناء احداثه. ظلت حريصة على التعبير عن موقف مبدئي، وأساسي من أجل التغيير والمساهمة وليس من أجل تبادل الأدوار أو كسر الضوابط والأصول. كتبت المرأة مقدمتها المثيرة، ولم تتخيل أن الملك المتقدم والمتزامن دائماً مع اعتبارات ما يسبق التفكير به سيأتي بتتمة تُروى وتعبر بالمرأة إلى ضفة الواقع الذي يسبق مسار الحلم. أعطى الملك عبدالله بن عبدالعزيز القائد التاريخي الصورة للخيال، وقدم خلاصاتها كعادته بسعة صدر وبعصرنة تستند على رأي الدين الذي ما فتئ يدعم حقوق المرأة ويصونها، ويمنحها حق الشراكة. من المؤكد أن دولا عربية كثيرة منحت المرأة حقوقها باستباقية ومنذ عقود، ولكن هذه الاستباقية بعضاً منها عاد وانكفأ إلى الداخل، وتداخل مع غموض المشاركة وتهميشها. لكن هنا جعلنا من يحمل وطنه داخله، ويسمو به إلى الأفضل برغبات لكسر صورة الاعتياد وبعض المقاومة التي تنجرف إلى الأعراف وليس إلى رأي الدين، جعلنا هذا الملك التاريخي نعبر إلى الضفة الأخرى بهدوء من خلال قرارات، وخطوات جريئة، ولكنها متوازنة، أو كما قال «التحديث المتوازن مطلب في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين والمترددين». إنها سيرة تاريخية لملك تاريخي تسربل بهموم هذا الوطن واعتلى منبر تلك الرياح التي حولها بهدوء ورويّة إلى نسيم ووسم غسل به غبارا ظل يتطاير وكأنه يستودع مرة داخل الصورة إلى الأبد. غسل قرار الملك التاريخي قلوب النساء، وأغلق أبواب التأويل وتلك المعارك الطويلة التي امتدت منذ فترة حول قيادة السيارة، وهل يحق للمرأة ذلك أم لا؟ قفز بها من حلم القيادة، إلى حلم المشاركة الفاعلة في سن القوانين والأنظمة، وتكريس وجودها الحقيقي على نحو واضح. خطوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لا تتوقف على حدود هذا المنح ولكنها تمتد لتشكل صورة هذا المجتمع التي لم تكن ذات يوم ثاقلة، أو مستنسخة أو دون هوية ثابتة، صورة مجتمع لا يُدفع بالتحولات، وإنما بالخطوات الثابتة التي تتحرك على الدروب الطويلة، وتعبر الطريق ولا تتوقف أو تضيع أمام تقاطع أو مفرق مفاجئ. يستمر الربيع العربي كما أطُلق عليه، وتستمر نحن ندير داخلنا بخطوات إصلاحية نحتاجها فعلياً ولا تفرض علينا من الخارج، خطوات تأتي في وقتها متفاعلة ومضيفة، وضافية ستتغير في تاريخ هذا البلد المحتفظ دوماً بهويته، وتنوعه، وقدرته رغم كل التجاذبات على الاندماج مع ما هو غير متوقع. يصغي المواطن من صغيره إلى كبيره لملكه عبدالله بن عبدالعزيز ويسعد بما يجيء به ويتفاعل معه من منطلق احساس قاطع بأن هذه الأمة هي ملكها وأن هذا الملك هو ذلك العالم المرتسم في أمته.