المطار .. واسطة العقد
التاريخ
2011-01-18التاريخ الهجرى
14320214المؤلف
الخلاصة
المطار .. واسطة العقدمحمد بن عبد الكريم بكر من الصعب على المرء أن يحصي جميع الفوائد الاقتصادية والمنافع الاجتماعية المتوقع أن يحققها ـــ بإذن الله ـــ مشروع مطار الملك عبد العزيز الدولي الجديد. إذ لن تقتصر تلك الفوائد على المحيط الجغرافي المباشر للمطار، بل ستمتد إلى معظم بقاع المملكة وبعض الدول المجاورة لها. بالطبع إن من بين الفوائد البديهية للمشروع ما سيلمسه المسافرون جواً من تطور نوعي في مستوى الخدمات ما يشجع الإقبال عليها, وذلك يعني استعادة المطار لمكانته كمحطة محورية بين الشرق والغرب، وهي مكانة تراجعت بشكل مؤسف خلال السنوات الماضية لصالح مطارات في منطقة الخليج العربي لم يكن لها وجود إلى عهد قريب على خريطة النقل الجوي. إن إمكانات المطار الحالي تعد محدودة نسبيا ما جعل عددا من شركات الطيران العالمية تعزف عن الهبوط فيه، وقيام شركات أخرى بتقليص عدد رحلاتها من وإلى جدة, الأمر الذي ضيق فرص التنقل المباشر بين المملكة وبين دول العالم. ولعل الكثير من القراء لا يزال يتذكر الأيام الخوالي عندما كانت خيارات الرحلات الدولية المباشرة بين جدة والعواصم الكبرى لا حصر لها. تلك الحال لم تغب بلا شك عن نظر أصحاب القرار، لذا جاء حجم مشروع المطار الجديد, الذي وضع حجر أساسه سمو نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز يوم الثلاثاء الماضي, مواكبا لتطلعات قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. تلك التطلعات ترتكز على مبدأ أن حصة المملكة العربية السعودية في أسواق النقل والتجارة لا بد أن تعكس قدراتها الاقتصادية وعلاقاتها الواسعة في وسط الأسرة الدولية. هناك بعض التفاصيل التي أفصحت عنها هيئة الطيران المدني في حفل وضع حجر الأساس والتي ترتبط بشكل أو بآخر باقتصاديات المشروع، وتستحق التنويه. من بين تلك التفاصيل اختيار الموقع الحالي للمطار لبناء المرافق الجديدة, ما يعني خفضا كبيرا في التكلفة ومدة التنفيذ، الإفادة من الكثير من التجهيزات الحالية كتجهيزات مساندة، والحفاظ على أصول عقارية (قيمة الأرض الحالية) يمكن التعويل عليها كضمان ممتاز لأي قرض يحتاج إليه المشروع. ومن بين الملامح التي أُعلن عنها أيضا وتعد لافتة للانتباه هي الأسلوب الذي اختارته وزارة المالية لتمويل تكلفة بناء المشروع من خلال جسر تمويلي تضمنه الدولة ويتم تسديده من عوائد المطار ما يعد سابقة في أسلوب تمويل المشروعات الحكومية. ولا شك أن ذلك الأسلوب في التمويل ينطوي ضمنا على ثقة عالية بجدوى المشروع وقدرة الهيئة على توفير بيئة إدارية منضبطة تلتزم بمعايير جودة عالية. تلك البيئة تحتاج إلى الكثير من الجهد والإبداع، ولعل من حسن حظ هيئة الطيران المدني أنها شرعت في بناء ذلك الصرح في ظروف مواتية لإيجاد تلك البيئة. إذ إن إيجاد بيئة عمل منتجة يتطلب أعدادا كافية من اليد العاملة، برامج تدريب جادة، ورواتب منافسة للسوق، وهي عوامل في متناول الهيئة ولوائحها طالما أن المشروع سيدار على أسس تجارية. إذ إن هناك أعدادا كبيرة من طالبي العمل يمكن استقطابهم من الآن وإدراجهم في دورات مكثفة خارجيا وداخليا خلال فترة إنشاء المشروع التي تقدر بنحو ثلاث سنوات. على أن يشمل ذلك الإعداد والتأهيل جميع الكوادر التي ستعمل في المطار بما في ذلك موظفو الجهات الحكومية كالجوازات، الجمارك، الأمن، وغيرهم. ثم هناك مسؤولية الصيانة والتشغيل للحفاظ على تجهيزات المطار في أعلى درجات الاستعداد على مدار الساعة، وهي مهمة ينبغي أن تعد لها كوادر وطنية بتكليف مقاول الإنشاء توظيف تلك الكوادر من الآن أيضا، وتدريبهم على رأس العمل بحيث يكونون ملمين في نهاية المشروع بكل صغيرة وكبيرة من تجهيزاته الكهروميكانيكية والمعلوماتية وغيرها. إنها فرصة لا ينبغي التفريط فيها. إن مشروع مطار الملك عبد العزيز الجديد هدية ملكية تأتي في وقت جيد ومتناغم مع الحراك الاقتصادي الذي تشهده المملكة بشكل عام ومنطقة مكة المكرمة على وجه التحديد، ومن ثم باتت هناك فرص عديدة أمام المطار الجديد لزيادة إيراداته إذا أحسن التعامل معها في وقت مبكر، وأحسب أن هيئة الطيران المدني لن تتوانى عن اغتنام تلك الفرص وبلورتها لتأمين مصادر دخل مستدامة لذلك المشروع العملاق.
الرابط
المطار .. واسطة العقدالمصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
738641النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
6308المؤلف
محمد بن عبدالكريم بكرتاريخ النشر
20110118الدول - الاماكن
السعوديةمكة المكرمة - السعودية