القدوة ركيزة لتحقيق مبادئ حماية النزاهة ومكافحة الفساد

Abstract

من أهم ركائز حماية النزاهة ومكافحة الفساد إلغاء كافة أشكال التمييز بين الناس في تطبيق النظام والقضاء على ثقافة الاستثناءات ودعم ثقافة سيادة النظام والقانون على الجميع?يتداول?الناس في مجالسهم هذه الأيام تعميمًا بُث على شبكة الإنترنت ، مطلعه يرفع راية حماية النزاهة ، وآخره لا يعين على مكافحة الفساد بل قد يفسح المجال أمامه للانتشار. فمطلعه وضع ضوابط تضمن دقة تسجيل المخالفات ، وآخره عدم تسجيل مخالفات مجموعات من المواطنين والمقيمين ، هم جميعاً ممن يُفترض أن يكونوا قدوة لبقية الناس ، وأول من يدعم تطبيق النظام على الجميع كأسنان المشط.?أذكر أنه نُقل بتواتر عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز زاده الله توفيقاً ?وسدده ، أنه يوجه المسؤولين بتطبيق النظام عليه شخصياً وعلى أولاده ،وهو في ذلك يأتمر بأمر الله عز وجل بالعدل والمساواة وعدم الظلم ، فكيف يستقيم أن يتم استثناء أي ممن هو دونه في سلم المسؤولية كائناً من كان؟!?بالطبع لا يعنيني في هذا المقال جانب مصداقية التعميم المتداول ، وإنما الذي يعنيني هو دلالاته ، والتي أقسمها إلى قسمين :?الأول : انعكاس مثل هذه الاستثناءات على وجدان المواطن العادي –غير المستثنى- ، وشعوره بعدم العدالة والمساواة ، وهما من أهم وأقوى ركائز الأمن النفسي ، وبناء المواطنة الحقة ، وحب الوطن والانتماء إليه ، وأيضاً الأثر الجمعي على ثقافة المجتمع ككل ، ومفاهيمه حول العدالة ، والمساواة ، وسيادة النظام والقانون على الجميع. إذ لا يمكننا أن نحقق مجتمع العدالة ، وننعم بالآثار الإيجابية والهامة لمبدأ سيادة القانون ، ومنها تحقيق الرفاه الاجتماعي ، ونحن لا نزال نضع مجموعات من المواطنين فوق النظام والقانون.?الثاني : هو جانب تطبيق النظام ، فنجاح التطبيق لأي نظام يستند إلى التطبيق على القوي قبل الضعيف (القوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق) . وإلى القدوة ، والقدوات هم ذوو الهيئات ، وعلية القوم ، والرموز ، فلتطبيق النظام عليهم ، ولالتزامهم كما لمخالفاتهم أثر كبير وفعّال في تشكيل أو التأثير على سلوك العامة من الناس ، وهذا أمر لا مراء فيه. ?وأود أن أشير إلى ملمح بسيط نعيشه جميعاً ، للقدوة فيه أثر واضح ، وهي المخالفات المرورية ، ففي رأيي أن تفاقمها واطرادها بمرور السنين يعود لجانب القدوة ، على مستويين ، الأول: أن المخالفين هم قدوة لأبنائهم وأقربائهم ، وبالتالي....