حلقات في مكارم الأخلاق 21

Abstract

في الحلقة السابقة تحدثنا عن الشعور بالمسؤولية وأنها مسؤولية شاملة لا تقبل التجزئة وتتركز على الشخص نفسه ولا علاقة لأقارب المذنب بما فعل الأبناء والأقارب، إنما المسؤولية تتركز على الجاني فقط وأما والداه وأقاربه الذين ليست لهم علاقة بجرم الأبناء فهم أبرياء، وأشرنا لما ورد في القرآن الكريم في هذا الصدد، كما أشرنا إلى أهمية قيام كل مسؤول بمسؤوليته من أجل نجاح الأمة وتحقيقها لغايتها لأن النجاح لا يتحقق بالقول فقط، ولكن بالعمل وتحمل المسؤولية والقيام بها خير قيام، كما تحدثنا عن مسؤولية وواجبات الراعي فيما يتعلق بالتسوية والعدالة بين الرعية ورعاية مصالح الناس وأشرنا لما تقوم به، ولله الحمد، دولتنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين راعي الرعية وعاهل المملكة من رعاية لمصالح الناس، ولكن من أجل التفاعل بين الراعي والرعية والتوازن وتحميل كل جهة مسؤوليتها فهناك واجبات ومسؤوليات على الرعية يتحتم عليها القيام بها، لأن الراعي والرعية، كما ذكرنا، أشبه ما يكونا باليدين في الجسم الواحد تتعاونان وتتكاتفان لمصلحة ذلك الجسم أو ذلك الكيان الواحد ألا وهو الوطن، وقبل أن نتحدث عن مسؤولية الرعية، نكمل ما تبقى من مسؤوليات الراعي وهما عملان مهمان وهما: حسن اختيار البطانة وإعطاء القدوة الحسنة معتمدين بعد الله تعالى على المبادئ التي وردت في موسوعة نضرة النعيم فيما يتعلق بمكارم الأخلاق، وإليكم التفاصيل: ج ـ حُسن اختيار البطانة: حسن اختيار البطانة من قبل الوالي من الأمور المهمة جدا، فعليه أن يختار الأعوان الأمناء المخلصين ذوي الدراية والكفاية والسمعة الحسنة من ذوي الخبرة فيما يناسب المنصب المختارين له، ويكونوا من الصالحين الذين يخشون الله ولديهم الفطنة والذكاء ببواطن الأمور، ويحرصون على تدفق المعلومات الصحيحة لديهم، وينبذون المحسوبية والرشوة ولا يقبلون الوساطة إلا في إحقاق الحق والعدل، وفي أهمية الأعوان الصالحين قال محمد صلى الله عليه وسلم من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا إن نسي ذكره وإن ذكره أعانه وفي أهم واجبات كبار المسؤولين قال الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لبعض عُماله الأمراء والمحافظين إني لم استعملكم على أمة محمد على أعشارهم ولا على أبشارهم (جلودهم) وإنما استعملتكم عليهم لتقيموا بهم الصلاة وتقضوا بينهم بالحق وتقسموا بينهم بالعدل ولا تجلدوا المسلمين....