غسق النُخبة وانفراط ثِقة الجماهير

Abstract

غسق النُخبة وانفراط ثِقة الجماهير محمود عبدالغني صباغ تُعرَف مؤسسة أمريكا الجديدة (New America Foundation)، كمؤسسة غير ربحية نشِطة في مجالات تطوير السياسات الحكومية (Public Policy)، تستثمر في الخبرات والعقول لرسم التحديات الكبرى التي تواجة الأجيال الأمريكية القادمة، حيث تضع لمواجهتها أفكاراً مُبتكرة.في تقريرها الأخير الذي نشرته بالتزامن مع صحيفة (التايم)، تحت عنوان 10 أفكار للعِقد القادم، تناول باحثو المؤسسة عدة تحديات جيوـ سياسية واقتصادية وديموغرافية واجتماعية وإعلامية، وحتى سيكولوجيّة. من ضمن الأفكار العشرة، برزت فكرة: (غسق النخبة)، أو غروب شمسها، وتعني حرفياً: تزعزع ثقة الجماهير في المؤسسات الكبرى التي تشكل عمود المجتمع الأمريكي. الباحث كرستوفر هايس، مُعد التقرير، تناول تحدي الجماهير الأمريكية في التعايش مع مرحلة ما بعد عصر الثقة، بحيث يعزو جذور الفشل المؤسساتي المتنامي في الحالة الأمريكية إلى الأشخاص والقيادات التي تدير تلك المؤسسات الضخمة. إن كل عمود من أعمدة المؤسسات الأمريكية؛ سواء كان وول ستريت، أو الكونجرس، أو كبرى الاتحادات العمالية، أو شركة جنرال موتورز، مروراً بعثرات إنرون وسيتي بانك وليمان برذر، إلى مؤسسة الكنيسة الكاثوليكيّة، وكبريات شبكات الإعلام، حتى مؤسسة دوري محترفي البايسبول، كلها قد انكشفت أمام الجماهير إما على قصص فساد صريح، أو ثبت للعيان سوء وعدم كفاءة قياداتها التنفيذية بشكلٍ جسيم. كل ذلك خلّف نتيجة دامغة من صعود موجة الريبة، والامتعاض، وخيبة الأمل العُظمى بين الجماهير والعامة التي تتعامل وتتقاطع مع تلك المؤسسات. يستعرض التقرير في سبيل ذلك، مسحاً إحصائياً عائدا لمركز (غالوب) التي درجت سنوياً على قياس مستوى الرضا الشعبي تجاه المؤسسات الوطنية الكبرى: الكونجرس، القطاع البنكي، الشركات الكبرى، المدارس العامة، إلخ.. وخلصت فيه إلى التراجع الفادح، العام الماضي، لرضا الشعب الأمريكي عن مؤسساته المفصلية، إلى أدنى المستويات منذ بداية إنشاء الإحصاء قبل 35 عاماً. حيث وصلت نسبة الرضا عن البنوك إلى 32% فقط، وهبوط الرضا عن الصُحُف إلى 24%، أما مصداقية الكونجرس فهبطت بدورها إلى 12% فقط!على خلفية تلك الخيبات – يفترض التقرير- أنه لابد أن يُكرَس العقد القادم لإصلاح تلك المؤسسات وإعادة هيكلتها وتكريس حوكمتها على أسس أكثر ديموقراطية توسَّع فيها دائرة....