الميزانية .. والميزان

Abstract

الميزانية... والميزان جهير عبدالله المساعد* امتاز الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ بخصلتين علنيتين في ممارسته الحكم، الأولى أنه أول ملك من بين ملوك التاريخ الحديث يدخل بيوت الفقراء علانية ويتفقد أحوالهم بعينه وقلبه وإيمانه فوق الجميع وبذلك نقل الفقر والعوز المسكوت عنه من وراء الحجاب إلى الأضواء والكاميرات المصورة. وتم إعلان اكتشاف الفقر السعودي على يديه ولم يبال لأن الملكية عنده إصلاح وليست مفاخرة. وأصبح هو الأول في ملامسة المخبأ في نواحي المملكة السعيدة من أشكال التعفف والحاجة دون أن يستمرئ عمليات الإخفاء والتكتم والنكران بل أصر أن يكون للفقير أولوية وصورة يراها الملأ في الداخل والخارج دونما مواربة أو تعمد المباهاة. أما الخصلة الأخرى فهي أن الملك إذا حكى كان لفظ المواطن دائماً على لسانه.. وكان الشعب هو لغته في التعبير فلا يتكلم ـ حفظه الله ـ إلا والمواطن على لسانه متحدياً به كل المواجهات وألفاظ المواطن والمواطنين والشعب العزيز تجري بين شفتيه بتلقائية مطلقة كأنها ملتصقة بهما لا تفارقهما أبداً فلا يخرج له حديث أو تصريح أو مقابلة تلفزيونية إلا ويتكلم بلفظ المواطن . يمكن تقريب الصورة التي أقصدها بشكل أوضح من خلال كلمته بعد ظهور الميزانية وتوجيهه الحديث إلى الوزراء المسؤولين حيث قال لهم: (أرجوكم) احرصوا على مصالح الناس.. خاطبهم بلسان المواطن (أرجوكم) أكثر مما هو لسان الملك الذي يأمر فيجاب.. وضعهم أمام مسؤولياتهم بشعور المواطن الحقيقي وكأنه مواطن وليس الملك... وكأنه وشعوره بالمواطنة لا ينفصلان أبداً. وبقدر نواياه الطيبة أعطاه الله في عهده ميزانية سميت في الإعلام الميزانية الأضخم.. والأكبر.. والأوفر... وبعد أن ظهرت أرقامها علناً... تساقطت الإشاعات تباعاً... وسكتت التخمينات بانتهاء أيام الانتظار.. وفي العادة كل انتظار مهما قصر طويل! وحين تواردت أخبار العطاءات المخصصة للأجهزة الخدمية التابعة للوزارات العاملة، اتضح للجميع أن الخير موجود... والعطاء ممدود... والقيادة ساهرة لخير الوطن والناس... ماذا بقي؟! بقي ما ينبغي عدم نسيانه... أن كل ميزانية تحتاج إلى ميزان... فالميزانية وحدها لا تكفي... والمقصود بالميزان هو ذلك الضبط المتقن الذي يحكم التوازن بين الوفرة النقدية وبين ما يجري على الواقع باحتياجاته الفعلية من ممارسات وإنجازات. وعلى ضوء ذلك، لا يعد مبالغة....