زيارة مهمّة

Abstract

ربّ سائلٍ يسأل: لماذا تنطوي زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمملكة على أهمية استثنائية؟ الجواب ببساطة ليس فقط بسبب الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة، وتهم الجانبين، خاصة بالنسبة للقضيتين السورية والفلسطينية، والملف النووي الإيراني، وإنما أيضًا لأن الرئيس أوباما جعل المملكة ولقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- أول محطة له عندما بدأ جولته الرئاسية عام 2009، وهو قد اختص المملكة أيضًا دون غيرها من دول المنطقة في جولته الخارجية الحالية. وهذا إن كان يعني شيئًا فهو يعني الأهمية المتميّزة للمملكة بالنسبة للإدارة الأمريكية، وأهمية دورها المحوري الإقليمي والدولي لعدة اعتبارات يأتي في مقدمتها أنها مهد الرسالة المحمدية، وقبلة المسلمين في شتى بقاع الأرض، ومحجهم، ومعتمرهم، ومهوى أفئدتهم، ولثقلها الإستراتيجي والاقتصادي في هذه المنطقة الحيوية في العالم، إلى جانب سياستها الحكيمة التي تتسم بالمرونة، والوسطية، والاعتدال، وتشجيع الحوار، وأيضًا لجهودها الحثيثة على صعيد خدمة قضايا الأمن والسلام في المنطقة، وفي العالم، ومحاربة الإرهاب عبر إستراتيجية أجمع العالم كله على فاعليتها وشموليتها. المتتبع لمسيرة العلاقات السعودية - الأمريكية يدرك بقليل من الجهد أن تلك العلاقات الضاربة في جذورها إلى عقد الثلاثينيات عندما قرر القائد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- منح الولايات المتحدة حق الامتياز للتنقيب عن النفط في بلاده، ثم ترسّخت بشكل كبير عام 1945 باللقاء الذي جمعه بالرئيس الأمريكي الأسبق تيودور روزفلت على ظهر الطراد كوينسي، سيدرك أن هذه العلاقات اكتسبت خلال تلك العقود السبعة القدرة على امتصاص أي خلافات بين واشنطن والرياض، وأنه عادة ما يتم رأب الصدع في العلاقات بينهما بعد فترة وجيزة من نشوب هكذا خلافات. وهو ما يمكن إثباته بهذه الزيارة لفخامته للرياض، وما سبق أن أثبتته زيارة خادم الحرمين الشريفين للولايات المتحدة، ولقائه الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش بعد بضعة أشهر من هجمات 11 سبتمبر الإرهابية. الرئيس أوباما يأتي إلى المملكة بعد أن أثبتت العديد من المؤشرات صحة وصواب الموقف السعودي إزاء القضايا الأهم التي تواجهها المنطقة، وهو ما يعني أن الزيارة لابد وأن تسفر عن نتائج هامة بالنسبة للموقف الأمريكي من تلك القضايا، وهو ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة.