الأمن أولاً

Abstract

لعل من أبرز مظاهر عبقرية التجربة السعودية وضع صانع التجربة ومهندس انطلاقتها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -يرحمه الله- الأمن أولوية في السياسة السعودية، حيث ظل الأمن يعني في فكره الإستراتيجي أمن الوطن والمواطن، وأيضًا أمن المقيم وحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزائرين، بما شكل ركيزة هامة في تلك السياسة، ظل يلتزم بها أبناؤه البررة من بعده دونما أي تفريط أو تهاون. ولعل التمسك بهذه الركيزة يفسر بجلاء لماذا أصبحت المملكة واحة أمن واستقرار في عالم يعج بالاضطرابات، إلى جانب ما أوجدته تلك التجربة من بيئة أمنية مواتية مع عجلة التنمية بما اعتبرفي نظر العديد من خبراء الأمن في العالم أنموذجًا متفردًا. كما أن أحد أهم عوامل نجاح التجربة إدراك القائد المؤسس لخطورة تأسيس الأحزاب لما يمكن أن تسببه من انقسام وفتن، وعلى الأخص الأحزاب التي تستغل الدين لأغراض دنيوية وشخصية، وما يمكن أن يترتب عن ذلك من نزاعات تؤدي إلى عواقب وخيمة تنعكس على أمن الدولة والمواطن على نحو ما رأيناه، وما نراه الآن في العديد من دول المنطقة. وهو ما شكل فحوى الرسالة التي حملتها كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- أمس الأول في التهنئة التي وجهاها إلى شعب المملكة العربية السعودية والأشقاء المسلمين في كل بقاع الأرض بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، عندما عبّرا في كلمتهما بهذه المناسبة عن رفض المملكة السماح بأن يستغل الدين لباسًا يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون لمصالحهم الخاصة، متنطعين ومغالين ومسيئين لصورة الإسلام العظيمة بممارساتهم المكشوفة وتأويلاتهم المرفوضة. هذه الكلمة الضافية أكدت من جديد على تمسك المملكة بالركيزة الأمنية، وبثوابتها العقدية التي تنسجم مع ترجمتها العملية في تعاملاتها على صعيدي الداخل والخارج وفهمها الواعي لرسالة الإسلام الخالدة التي تقوم على أساس التسامح والاعتدال والوسطية، وترفض التطرف والمغالاة والتنطع، وكل عوامل إثارة الخلاف وزرع الفتن والعبث بأمن الوطن باعتباره خط أحمر غير قابل للاختراق من أي من كان.