دين المال العام

Abstract

أبارك لقادة بلادنا حفظهم الله ورعاهم وللشعب السعودي ولأبناء أمتنا العربية والإسلامية عيد الفطر المبارك وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يعيده علينا ونحن نرفل بثوب العزة والنصر والتمكين.. وباسمي خاصة وباسم المواطن السعودي عامة أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على مكرمته الجديدة وعيديته المباركة لأبناء وأقارب وذوي المتوفين بإعفائهم من أقساط الصندوق العقاري وبنك التسليف المستحقة على ميتهم رحمه الله.. وهذه اللفتة الأبوية الحانية ليست بغريبة على قائد فذ وملك إنسان جعل للصفحة الأولى في الجرائد والمجلات السعودية أهميتها ووزنها المحلي والعالمي وسجّل لنا عالمياً أننا شعب يحكمه أحد أبرز أربعة زعماء في العالم كما تذكر (واشنطن بوست).. ولعل من أبرز ثمرات هذه المكرمة الكريمة إراحة الميت وتبرئة ذمة أهله المشغولة بدينه بعد موته وإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد ممكن ممن تقدَّموا للصندوق طالبين القرض السكني للحصول على مأمولهم في القريب العاجل.. ومما لفت انتباهي في هذا الصدد ما صرح به مدير عام صندوق التنمية العقارية المهندس محمد بن واصل الحربي لجريدة عكاظ الخميس الماضي من أن مبالغ قروض المتوفين ممن صدر بحقهم الأمر الملكي الكريم تتجاوز أربعة مليارات ريال سعودي، إذ إن هذا الرقم مؤشر على أمر هام يحتاج إلى دراسة استكشافية واسعة وبحث ميداني متخصص ألا وهو أن هناك نظرة مجتمعية على أن قروض الدولة لا تعتبر ديوناً متعلقة بالذمة يجب تسديدها عن الميت من تركته التي خلفها من بعده أو من مال أولاده وأقاربه الذين ورثوه أو حتى من ثروة عاقلته خلاف ما يتعلّق بالذمة للأشخاص أو الشركات والمؤسسات وإلا لما كان هذا الرقم، وخصوصاً أننا نعلم جميعاً ثقل الدين على الميت كما نعلم مسؤولية الورثة مسؤولية مباشرة عن دين ميتهم، وهذا المسلك المتعارف عليه يدخل في عموم عدم الاكتراث من قِبل البعض بالمال العام والحرص عليه، قد يكون هذا هو السبب وربما كان التأخر عن السداد نتيجة عدم قسمة الميراث بين الورثة ومن ثم تعليق الأمور المالية وعدم البت فيها تحصيلاً وسداداً.. وهذا مسلك مجتمعي آخر هو في حد ذاته مشكلة أخرى، بل إشكالية معقدة تعاني منها بعض الأسر وربما كانت العملية عملية تراكمية من الجد إلى الأب وحتى الابن ولا يوجد حسم سريع من قِبل الجهات المختصة، كما أن التعاون من لدن كبار العائلة وعقلائها معدوم وكأن الأمر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد.