لا يُصلح إلا صالح
Abstract
لا يجهل مؤرخ مؤهل ولا عالم اجتماع سياسي جاد، ولا حتى متابع نابه، أن الإصلاح، أياً كانت درجة شموليته، ومدى تأثيره، أمر، في أحسن الأحوال، تكتنف تحقيقه صعوبات كثيرة. والإصلاح يعني في ما يعني من أشياء كثيرة، التغيير من وضع سائد إلى وضع أفضل، حتى لو كان السائد في أوقات ماضية مقبولاً. والخوف والتوجس من كل تغيير أمران طبيعيان، لذلك فمقاومة التغيير ليست وقفاً على الشعب السعودي، بل إن كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية، وبدرجات متفاوتة، يقاوم التغيير ويفضل الاستمرار على ما هو عليه. وتمتد المقاومة حتى إلى التغيير المادي البحت، الذي ينتجه التقدم في تطبيقات العلوم الطبيعية والهندسية، على الأقل في بلدان العالم الثالث. فالمؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، وقبل أكثر من ثمانين سنة، وجد أن من مصلحة بلاده المترامية الأطراف، الاستفادة من استخدام أجهزة التواصل، الحديثة نسبياً حينئذٍ، كالتلغراف والهاتف. ومع أن التلغراف والهاتف وسيلتان ماديتان لا علاقة لهما بمخالفة شرع أو عرف أو عادات، فقد أنكر الاستفادة منهما كثيرون. وكذلك الأمر بالنسبة إلى تعليم الإناث بعد وفاة الملك عبدالعزيز. ولا يستطيع قيادة مركب الإصلاح، والإصلاح كما تم ذكره ومن طبيعة الأمور، صعب التحقيق، إلا قائد تجتمع فيه بين أنداده من القادة صفات معينة، تقلل من تحويل طريق الإصلاح عن مساره الصحيح. أولاً: لا بد أن يكون القائد في مقدمة من يقود، ولكن ليس بمسافة طويلة لدرجة أن يتعذر على من يقوده أن يراه فيتبعه بثقة ومن دون تردد. ثانياً: أن يلقى قبولاً يدخله إلى قلوب أكثرية مواطنيه قبل عقولهم. وهذا بدوره لا يأتي إلا لمن يتحلى بعفوية محسوسة مباشرة، مع وثوق في النفس لا تشوبه أية درجة من درجات العنجهية والكبرياء. في بداية «الحوار الوطني»، الذي سن تبادل الرأي في مكان واحد بين أفرادٍ مختلفين نسبياً من حيث الأعمار ومكان النشأة ومستوى الثقافة ونوعها، تساءل نفرٌ من المتابعين، وبحسن نية، ما فائدة الحوار إذا لم يتم إصدار قرارات لتنفيذ توصياته. وهذا التساؤل أخطأ الهدف. فأهم أهداف الحوار هو الحوار من أجل الحوار. إن مبدأ الحوار بصراحة وشفافية من دون حجب رأي أحد أو توجساته أو مخاوفه، لا بد منه لإجراء أي تغيير أو إصلاح. تبنى الحوار وقاده رجلٌ عرف وبعفوية تامة أن القائد يتقدم ولكن ليس بمسافة بعيدة، بحيث يختفي عن أنظار مواطنيه. وبعد إعداد البيئة المناسبة لقبول مبدأ الحوار المثمر وغيره من الإصلاحات، أتى دور المرأة السعودية. يقول الدكتور حمزة السالم في مقالة تحت عنوان «ربيع المرأة السعودية» في صحيفة «الجزيرة» السعودية (30/9/2011): «المرأة منذ القديم وهي موضع الشك واللوم والتضحية والاستخفاف. وكيف لا، والحياة تحتاج إلى قوة جسمانية. قوة في استجلاب الرزق وقوة في الدفاع عن النفس وقوة في إثبات الرأي. هذه القوة الجسمانية غلبَ الرجلُ المرأة فيها فظلمها...». ويمكن المتابع أن ينظر إلى تجارب ديموقراطيات غربية، لم تتصالح مع وجوب إعطاء المرأة حقوقها غير منقوصة إلا في أوائل القرن الماضي. فأقدم ديموقراطية غربية في العصور الحديثة، أي الولايات المتحدة الأميركية، لم تعطِ الحق للنساء بالتصويت في ولاياتها كافة إلا في عام 1920. وبريطانيا أعطت النساء، وفقط لمن تجاوزن الثلاثين، الحق في التصويت في عام 1918. أما سويسرا، أكثر الدول الأوروبية استقراراً، والتي يصر كل إقليم فيها على التصويت، لاستصدار أي تنظيم له أهمية، لم تعطِ النساء الحق في التصويت إلا في عام 1971. ولحسن حظ المرأة السعودية والرجل، أن الملك المجدد المصلح، عبدالله بن عبدالعزيز الذي قاد ربيع المرأة السعودية، رجل يحتل مكانة خاصة، ومحبة غير مشروطة، وثقة بحسن نواياه، بين غالبية مواطنيه، تجعل من المتعذر المزاودة على تقواه أو عروبته. لذلك، ترحب غالبية السعوديين بكل خطوة يخطوها هذا الرجل الوفي الذي أحب مواطنيه فأحبوه. والله من وراء القصد. * أكاديمي سعودي
Publisher
صحيفة الحياة الطبعة السعوديةVideo Number
763772Video subtype
مقالxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
17714Personals
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودعبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
Topics
الحوار الوطنيالسعودية - الاحوال السياسية
المرأة - رعاية اجتماعية
تمكين المرأة
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - ابناؤه
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - تراجم
The name of the photographer
علي بن طلال الجهنيDate Of Publication
20111004Spatial
السعوديةالرياض - السعودية